سحابة زيت الزيتون

خلال زيارة اعتيادية لأحد المولات الكبرى، توقفت عند قسم زيت الزيتون لمتابعة المنتجات الجديدة. فجأة، اشتعل نقاش حاد بين أحد الزبائن ومدير الفرع وسط تجمهر المتسوقين. الزبون اتهم المتجر بعرض زيت "مغشوش" بعد ملاحظة "سحابة بيضاء" داخل بعض العبوات وبلورات متجمدة في قاع أخرى، بينما أكد المدير أن جميع الزيوت مصدرها موثوق ومعتمد. تدخلت بدافع الفضول والمعرفة، وتبين أن ما رآه الزبون هو ظاهرة طبيعية تمامًا في زيت الزيتون.

ما هي هذه الظاهرة؟

1. السحابة البيضاء (الشموع الطبيعية): تتكون هذه السحابة نتيجة وجود مركبات شمعية طبيعية (Waxes) تغطي قشرة ثمرة الزيتون لحمايتها، وينتقل جزء منها إلى الزيت أثناء العصر. هذه الشموع لا تؤثر سلبًا على سلامة الزيت، بل هي دليل على أن الزيت عُصر من الثمرة ولم يخضع لعمليات تكرير كيميائية قاسية تزيل هذه المكونات الطبيعية (Winterization).

2. البلورات المتجمدة: تنتج عن تبلور الأحماض الدهنية المشبعة (البالمتيك والاستياريك)، والتي تشكل 8‑25% من إجمالي الأحماض الدهنية (عادة 11‑14%). ومع انخفاض درجة الحرارة، تبدأ هذه الأحماض والشموع في التبلور؛ مما يؤدي إلى ظهور البلورات.

سبب حدوثها في المول

عند انخفاض درجة الحرارة إلى 5‑7 درجات مئوية، تبدأ هذه الأحماض والشموع في التبلور وتكوين السحابة البيضاء؛ لذلك عندما وُضعت العبوات مباشرة تحت مخرج التكييف، أدى ذلك إلى تبريدها بشكل مفرط. وعند إبعادها عن مصدر التبريد وتركها في درجة حرارة الغرفة، تذوب البلورات وتختفي السحابة البيضاء، ويعود الزيت إلى حالته الصافية.

هل الشموع تدل على فساد؟

لا. وجود الشموع في زيت الزيتون البكر أو البكر الممتاز يدل على أنه طبيعي وغير مكرر. يمكن تدفئة الزيت قليلًا لإذابة البلورات واستعادة الشفافية.

زيت البومس (زيت ثفل الزيتون)

هو زيت مكرر يُستخرج من بقايا عصر الزيتون. يحتوي عادة على نسبة أعلى من الشموع، وعند تعرضه للبرودة تظهر رواسب وبلورات أكثر وضوحًا، مما يعكس انخفاض جودته مقارنة بالزيوت البكر.

الخلاصة

ظهور السحابة البيضاء أو البلورات في زيت الزيتون لا يعني الغش أو الفساد؛ إنه دليل على طبيعية المنتج وجودته العالية، خاصة في الزيوت البكر والبكر الممتاز. عند التعرض لدرجات حرارة منخفضة، يمكن أن تحدث هذه الظواهر، وهي تزول ببساطة عند إعادة الزيت إلى درجة حرارة الغرفة أو تدفئته قليلًا.

على الرغم من أن هذه الظواهر طبيعية، إلا أنها ليست مقياسًا للحكم على ما إذا كان الزيت طبيعيًا أو مغشوشًا، كما أشرنا إلى ذلك في مقال اختبار الثلاجة للكشف عن الغش بزيت الزيتون.

هذا التوضيح يهدف إلى تعزيز ثقة المستهلكين وتمكينهم من التمييز بين الظواهر الطبيعية وعلامات الغش الحقيقية.

‍