قاضي دولي في زيت الزيتون عضو الجمعية العلمية للصناعات الغذائية – جامعة الاسكندرية
لاحظنا في الفترة الأخيرة انتشار ظاهرة الترويج لكون زيت الزيتون أصليًا وغير مغشوش إذا تجمّد عند وضعه في الثلاجة، باعتبار ذلك اختبارًا منزليًا للكشف عن الغش. لكن هذه الطريقة غير علمية، ولا يُعتبر تجميد زيت الزيتون مقياسًا موثوقًا للكشف عن الغش. ذلك لأن عملية التجمد تتأثر بعدة عوامل مثل درجة حرارة الثلاجة، وتركيبة الزيت، ونسبة الأحماض الدهنية المشبعة فيه.
فالزيوت الطبيعية قد تتجمد أو تتماسك عند درجات الحرارة المنخفضة، بينما الزيوت المخلوطة بزيوت نباتية قد تبقى سائلة في نفس الظروف. لكن هذا لا يُعدّ دليلًا قاطعًا على الغش، ولا يغني عن الحاجة لإجراء تحاليل مخبرية دقيقة للتأكد من الجودة. لذلك يُعتبر الاعتماد على تجميد الزيت وسيلة غير دقيقة.
تحتوي الزيوت المختلفة، بما في ذلك زيت الزيتون الأصلي، على نسب متفاوتة من الأحماض الدهنية المشبعة التي تؤدي إلى تجمد الزيت عند درجات حرارة مختلفة.
ومن أبرز هذه الأحماض: حمض البالمتيك (C16) و حمض الاستياريك (C18).
وتتراوح نسبة الأحماض الدهنية المشبعة في زيت الزيتون بين 7.5% – 25% من إجمالي تركيبته. وغالبًا ما تكون النسبة:
وتعتمد هذه النسب على عوامل عديدة، من أهمها عدد ساعات البرودة التي تتعرض لها الثمار أثناء تكوين الزيت؛ فكلما زادت ساعات البرودة انخفضت نسبة الأحماض الدهنية المشبعة.
تركيب الأحماض الدهنية في زيت الزيتون يتأثر بدرجات الحرارة التي تتعرض لها الثمار أثناء تكوين الزيت. فارتفاع الحرارة يرتبط طرديًا بزيادة الأحماض الدهنية المشبعة.
كما توجد علاقة بين الأحماض الدهنية:
حيث تُظهر التحاليل وجود علاقة عكسية بين MUFA و PUFA، وهو ما ينعكس على جودة الزيت.
تختلف درجة تجمد الزيت باختلاف أصناف الزيتون المستخدمة في الإنتاج، إضافةً إلى منطقة الزراعة وطريقتها (تقليدية، مكثفة، أو عالية الكثافة). لذلك فإن مقارنة زيت بآخر استنادًا إلى درجة التجمد أمر غير فعال.
اختبار التجمد وسيلة غير علمية، ولا يمكن الاعتماد عليها لتحديد جودة الزيت.
على سبيل المثال: إذا خلطنا زيتًا نباتيًا سائلًا لا يحتوي على أحماض دهنية مشبعة بزيت آخر يحتوي على نسبة مرتفعة من هذه الأحماض (15%)، ثم جرى تقليب المزيج جيدًا ووضعه في الثلاجة، فسوف يتجمد ويعطي نفس قوام زيت الزيتون. وهذا دليل قاطع على عدم دقة اختبار التجمد.
لذلك، عند الشك في جودة الزيت، يجب اللجوء إلى التحليل المعملي أو الشراء من مصادر موثوقة، وعدم الانسياق وراء الدعاية التي تزعم أن الزيت المتجمد أصلي وغير مغشوش، بينما السائل مغشوش.
من بين وسائل الدعاية غير العلمية أيضًا، الاعتماد على لون زيت الزيتون كدليل على جودته.
لكن وفقًا للمواصفة، فإن لون زيت الزيتون يتراوح بين:
ويعود هذا التنوع إلى اختلاف الأصناف، ومناطق الزراعة، وطرق الزراعة، وموعد الحصاد.
فعلى سبيل المثال: الزيت المستخلص من نفس الشجرة في بداية الموسم يكون مائلًا إلى الاخضرار، بينما في نهاية الموسم يكون لونه مائلًا إلى الاصفرار.
لا يجب الانسياق وراء الاختبارات المنزلية أو الدعاية غير العلمية مثل اختبار التجميد أو لون الزيت، بل يجب الاعتماد على التحاليل المخبرية والمعايير العلمية، لضمان الحصول على زيت زيتون أصلي وعالي الجودة.