أضواء الزيتون

تاريخ النشر:
September 28, 2025
أخر تعديل:
September 28, 2025

قاضي دولي في زيت الزيتون عضو الجمعية العلمية للصناعات الغذائية – جامعة الاسكندرية

في أحد مجالس العلم وبعد صلاة العشاء بمسجد السيوف بالإسكندرية، جلس شيخ المسجد لتدبر آيات القرآن الكريم مع المصلين، واستوقفنا جزء من الآية 35 في سورة النور: (شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ).

كان النقاش يدور حول عظمة التشبيه في هذه الآية. ومع التقدم في مسيرتي المهنية والتخصص في الزيوت النباتية، وزيت الزيتون تحديدًا، حاولت الربط بين الآية الكريمة والتفسير العلمي الخاص بأشجار الزيتون. وكان النقاش حول أن شجرة الزيتون التي تقع في مكان مثالي بين الشرق والغرب تصل إليها الشمس أينما زُرعت، ويزيد زيتها نقاءً وصفاءً حتى إنه "يكاد زيتها يضيء"، أي أن زيت هذه الشجرة مبارك وصافٍ جدًا، يكاد يضيء من شدة نقائه حتى قبل أن تمسَّه النار. والجدير بالذكر أن درجة اشتعال زيت الزيتون هي (190 – 207) درجة مئوية.

وبالنظر في البحث العلمي، لاحظنا وجود ظاهرة فيزيولوجية طبيعية في النباتات، ومنها أشجار الزيتون، وهي ظاهرة الفلورسنت الكلوروفيلية (Chlorophyll fluorescence).

فما هي هذه الظاهرة؟

الأساس في هذه الظاهرة أن الكلوروفيل الموجود في المجموع الخضري بالنبات لا يحوّل كل الطاقة الضوئية الممتصة إلى طاقة كيميائية أثناء عملية التمثيل الضوئي؛ فجزء من هذه الطاقة يُفقد على شكل حرارة، وجزء آخر يُعاد إصداره على شكل ضوء أحمر ضعيف يسمى "الفلورسنت الكلوروفيلية".

وما أهميتها بالنسبة لأشجار الزيتون؟

  • يمكن رصدها بأجهزة خاصة تقيس انبعاث الفلورسنت عند تعريض الأوراق للضوء.
  • تتغير شدة الفلورسنت تبعًا لحالة جهاز التمثيل الضوئي، وخاصة نشاط النظام الضوئي الثاني (Photosystem II).
  • عند تعرّض أشجار الزيتون للإجهاد (مثل الجفاف، الملوحة، الحرارة العالية، أو الإصابات المرضية)، ينعكس ذلك في أنماط الفلورسنت الكلوروفيلية؛ حيث تقل كفاءة التحويل الضوئي وتزداد نسبة الطاقة المفقودة.

ما هو النظام الضوئي الثاني (Photosystem II)؟

أثناء عملية التمثيل الضوئي في النبات، يتفاعل جزء من الضوء مع مركب بروتيني معقد في أغشية النباتات يُعرف بـ (Photosystem II). يقوم هذا النظام بتحويل طاقة الضوء لتقسيم جزيئات الماء، مما ينتج عنه إلكترونات تُستخدم في عملية التمثيل الضوئي، وبروتونات تساهم في إنتاج الطاقة (ATP)، وأكسجين يطلق في الغلاف الجوي. وقد ذكرنا في مقال سابق أن أشجار الزيتون تُعتبر مصرفًا للكربون، وتحافظ على البيئة، ومقاومة للتغيرات المناخية.(يمكن الرجوع للمقال السابق من هنا: الزيتون والبصمة الكربونية)

لماذا يُعد قياس الفلورسنت الكلوروفيلية مؤشرًا هامًا في الزيتون؟

تكمن أهمية قياس هذه الظاهرة في أشجار الزيتون في الأغراض التالية:

  • تقييم مدى تحمل أشجار الزيتون للجفاف أو الملوحة.
  • متابعة تأثير المعاملات الزراعية (تسميد، ري، تقليم) على كفاءة البناء الضوئي.
  • الكشف المبكر عن الإصابات أو الضغوط البيئية قبل ظهور أعراض بصرية واضحة.
  • المقارنة بين أصناف الزيتون المختلفة في قدرتها على تحمل الإجهاد، أو تقييم نجاح معاملة زراعية معينة لصنف عن آخر.

باختصار: ظاهرة الفلورسنت الكلوروفيلية هي ظاهرة عامة في النبات، لكن شجرة الزيتون أصبحت نباتًا نموذجيًا في الأبحاث المتعلقة بها نظرًا لأهميتها الاقتصادية وقدرتها الفائقة على تحمل الظروف الصعبة.

أقرأ إيضا

النشرة البريدية

تواصل معانا وتابعنا على منصات التواصل الإجتماعي

Tiktok logolinkedin logoinstagram logofacebook logoyoutube logoX logoEmail icon
.Copyright Zyotwdhon. All Rights Reserved ©