للأعلان .png)
قاضي دولي في زيت الزيتون عضو الجمعية العلمية للصناعات الغذائية – جامعة الاسكندرية
في يوم إجازة بمناسبة ذكرى انتصار السادس من أكتوبر، تمت دعوة العائلة على الغداء لنتجمع معًا ونطمئن على الأحوال. تذكرنا أيام انتصار الوطن وإرادة النصر لدى شعبنا، وخلال الجلسة العائلية والحديث عن إنجازات مصر في العصر الحديث طبقًا للمتغيرات والحكمة في الإدارة، تطرق الحديث إلى أن مصر محفوظة من المولى عز وجل، وأن منطقة سيناء بها الوادي المقدس "طوى".
وذكر ابننا عمرو في هذا السياق الآية الكريمة:
﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾(المؤمنون: 20)
وبسرعة، ذكر ابننا كريم الآية الأخرى:
﴿شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾(النور: 35)
فضحك الجميع: "أنت لازم تثبت حضورك يا كريم! الآية الأولى عن شجرة في سيناء بمصر، والآية الثانية عن شجرة الزيتون عامةً". لكن سأل ابننا الصغير حسام: "ما الفرق بين الدُّهْن والزيت؟"
بالتدقيق، لاحظنا أن في الآية الأولى، الشجرة التي تخرج من طور سيناء تشير إلى شجرة الزيتون ويُشار إلى إنتاجها بـ**"الدُّهْن"**. وفي الآية الثانية، الشجرة المباركة التي يكاد "زيتها" يضيء ولو لم تمسسه نار هي شجرة الزيتون أيضًا.
والسؤال هنا: هل شجرة الزيتون تنتج زيتًا أم دُهْنًا؟
أولاً، يجب تعريف معنى الزيت ومعنى الدُّهْن. بالوصف العامي (البلدي)، الزيت هو المادة السائلة على درجة حرارة الغرفة، بينما الدُّهْن هو المادة المتماسكة أو المتجمدة على درجة حرارة الغرفة، ومنها الدُّهْن الحيواني. ويُستخدم الدُّهْن النباتي في الطبخ أو كوقود (كما أشارت الآيات: "صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ" و "يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ").
علميًا، السبب في مظهر المواد الدهنية سواء كانت سائلة أو شبه سائلة أو صلبة هو تركيبها من الأحماض الدهنية. لنلقِ نظرة على تأثير تركيب الأحماض الدهنية المشبعة وغير المشبعة في الزيوت النباتية على خواصها.
تشمل الزيوت النباتية كل الزيوت المنتجة من أصل نباتي، ويمكن تقسيمها كالتالي:
1. الزيوت السائلة على درجة حرارة الغرفة:
2. الزيوت التي تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية المشبعة (شبه متجمدة على درجة حرارة الغرفة):
3. الزيوت التي تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية المشبعة (متجمدة على درجة حرارة الغرفة):
ملحوظة: يمكن تحويل أي زيت سائل إلى زيت صلب (دهن) صناعيًا عبر عملية الهدرجة.
بالعودة إلى زيت الزيتون، هل هو زيت أم دُهْن؟ نظرًا لتنوع مناطق زراعته في النصف الشمالي والجنوبي من الكرة الأرضية، حيث تنمو الشجرة في الشرق (مثل باكستان) والغرب (مثل سان فرانسيسكو بأمريكا)، فإن نسبة الأحماض الدهنية المشبعة (البالمتيك والاستياريك) في الزيت متغيرة، فتصل في المناطق الباردة إلى 11% وفي المناطق الحارة إلى 19%.
ماذا تقول مواصفة المجلس الدولي للزيتون؟تحدد المواصفة نسبة حمض البالمتيك (C16) بين 7.5% و20%، ونسبة حمض الاستياريك (C18) بين 0.5% و5%. بمعنى أن درجة انصهاره تتراوح بين 5 و7 °C، طبقًا لمصدر الزيت.
إذًا، هل هو زيت أم دُهْن؟منطقة سيناء، التي وُصفت بأنها "لا شرقية ولا غربية"، وموسم إنتاج زيت الزيتون فيها هو فصل الشتاء، حيث تنخفض درجات الحرارة. خلال هذه الفترة، يمكن أن يتحول زيت الزيتون من صورته السائلة إلى صورة شبه متجمدة تشبه الدُّهْن. ومع دخول فصل الربيع وارتفاع الحرارة، يعود إلى حالته السائلة. فالوصف القرآني له بـ "الدُّهْن" للأكل ينطبق عليه تمامًا في هذا السياق المناخي والجغرافي. ونوضح منحني متوسط درجات الحرارة خلال عام بمنطقه سيناء ونلاحظ انخفاض الحرارة خلال فترة عصر الزيتون لاقل من درجه الانصهار زيت الزيتون .
في نهاية الحديث العائلي المثمر، أوضحنا أن الفرق بين الدُّهْن النباتي والزيت النباتي هو أن مصطلح "الدُّهْن" أشمل، وقد يصف المادة في حالتها شبه الصلبة، بينما مصطلح "الزيت" عادةً ما يصفها في حالتها السائلة.
إن مصطلح "الدُّهْن" المشار إليه في القرآن الكريم يوضح بدقة حال زيت الزيتون في طور سيناء خلال موسم إنتاجه، كما يشير إلى استخداماته المتنوعة كطعام ووقود للإضاءة. فشجرة الزيتون في طور سيناء "تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ"، وهو ما يعني أن ثمارها تُستخدم لإنتاج مادة دهنية تكون وقودًا وطعامًا في آن واحد.
