قاضي دولي في زيت الزيتون عضو الجمعية العلمية للصناعات الغذائية – جامعة الاسكندرية
سمعنا من آبائنا وأجدادنا عن طبق الفول بالزيت الحار. يقول جدي حسن: "اذهب إلى عم درويش صاحب السِّرْجَة، أحضر الزيت الحار وهو طازج، وأحضر معه الفول من عند عم سيد، وتعالَ". فتجتمع العائلة وتأكل بسعادة، ثم يذهب كل شخص إلى عمله بنشاط. لم نكن نسمع في ذلك الوقت بالأمراض الحديثة التي تظهر هذه الأيام (مثل أمراض القلب، الجلطات، الزهايمر، ضعف المناعة، وغيرها). ونلاحظ أن متوسط أعمار أجدادنا -حفظهم الله- كان مرتفعًا بالمقارنة مع متوسط أعمار الأجيال الحديثة.
السِّرْجَة قديمًا هي المكان الذي يتم فيه سحق البذور بواسطة الأحجار، حيث تُطحن البذور بين حجرين ثقيلين ليخرج منها الزيت دون استخدام أي حرارة (على البارد). هذه الطريقة تحافظ على الزيت غنيًا بالمواد الفعالة الطبيعية. في الماضي، كانت الحيوانات تُستخدم لتدوير الحجر، ثم تطور الأمر إلى استخدام المحركات، وحاليًا ظهرت الماكينات العصرية المتطورة.
الزيت الحار هو زيت الكتان أو زيت بذر الكتان. وهو كنز غذائي حقيقي، فهو غني بـ:
هذه المكونات تساهم في تقليل الكوليسترول الضار، خفض ضغط الدم، تحسين وظائف الدماغ، والمساعدة في الوقاية من بعض الأمراض.
ملاحظة هامة: يُستخدم هذا الزيت نيئًا على البارد في أطباق مثل الفول والسلطات، ولا يُفضل تسخينه أبدًا؛ لأنه يفقد قيمته الغذائية ويتعرض للاحتراق بسرعة نظرًا لانخفاض درجة احتراقه.
قديمًا، عند تجميع نبات الكتان، كان يتم جمع نبات "الحارة" معه. وعند عصر بذور الكتان، كانت تُعصر معها نسبة من بذور نبات الحارة، مما يمنح زيت الكتان طعمه المميز والمحبب الذي اشتهر به.
نعم، والعلم يؤكد ذلك. زيت الكتان (اسمه العلمي Linum usitatissimum) غني جدًا بالأحماض الدهنية الأساسية بالنسب التالية:
ما يميز زيت بذور الكتان أيضًا هو احتواؤه على الليجنان (Lignans)، وهو مركب طبيعي مضاد للأكسدة. كان يُستخدم قديمًا للبشرة حيث يُكوّن طبقة عازلة لامعة، وتطور استخدامه ليدخل في تركيب العديد من كريمات العناية بالبشرة الحديثة.
زيت الكتان مفيد للصحة الداخلية والخارجية للجسم:
إنه مزيج متكامل. يوفر الفول الألياف والبروتينات النباتية، بينما يضيف الزيت الحار الدهون الصحية (أوميجا 3) والفيتامينات والمعادن. هذا يجعل الوجبة متوازنة ومغذية للغاية.
بالصحة والعافية.