رئيس قسم الزيوت والدهون بمعهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث.
أنت لا تراهم، لكنهم يعملون في صمت داخل جسمك كل يوم… أوميجا-3 وأوميجا-6. حين ينضبط ميزانهم، تصبح في أمان من كثير من أمراض العصر، وحين يختل، تبدأ رحلة خفية مع الالتهابات والمشكلات المزمنة.
بعد أن استعرضنا أهمية التوازن الكلي بين الدهون المشبعة والأحادية وغير المشبعة في النظام الغذائي، يأتي المستوى الأكثر دقة في معادلة الدهون: التوازن بين أحماض أوميجا-3 وأوميجا-6. فكلاهما من الأحماض الدهنية الأساسية (Essential Fatty Acids) التي لا يستطيع الجسم تصنيعها ويجب الحصول عليها من الغذاء، لكن التوازن بينهما هو ما يحدد ما إذا كان تأثيرهما صحيًا وداعمًا للحياة… أو مسببًا لمشكلات صحية مزمنة.
أوميجا-3 وأوميجا-6 هما من الأحماض الدهنية الأساسية (Essential Fatty Acids) التي لا يستطيع الجسم إنتاجها، ما يجعل الحصول عليهما من الغذاء أمرًا ضروريًا.
• أوميجا-3: تتضمن حمض ألفا لينولينيك (ALA) وحمضي الإيكوسابنتانويك (EPA) والدوكوساهكسانويك (DHA)، وتشتهر بدورها في خفض الالتهابات، دعم صحة القلب والأوعية الدموية، وتحسين وظائف الدماغ والإبصار.
• أوميجا-6: تشمل حمض اللينوليك (LA) وحمض الأراكيدونيك (AA)، وهي ضرورية لنمو الخلايا، وصحة الجلد والشعر، ودعم الجهاز المناعي.
وفق توصيات منظمة الصحة العالمية (WHO)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، وهيئة سلامة الغذاء الأوروبية (EFSA)، يجب الحفاظ على نسبة أوميجا-3 إلى أوميجا-6 بين 1:1 و1:4.
في العصور القديمة، كان النظام الغذائي البشري قريبًا من النسبة المثالية 1:1، لكن اليوم، بسبب الاعتماد المفرط على الزيوت النباتية المكررة الغنية بأوميجا-6 (مثل زيت الذرة وزيت فول الصويا)، وانخفاض استهلاك الأسماك الدهنية، أصبحت النسبة في الأنظمة الغذائية الحديثة تصل إلى 1:15 أو حتى 1:20، وهو ما يرتبط بزيادة الالتهابات وأمراض العصر.
زيادة أوميجا-6 على حساب أوميجا-3
• تحفيز الالتهابات المزمنة منخفضة الدرجة (Chronic Low-grade Inflammation).
• زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
• تفاقم أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي.
• رفع احتمالية الإصابة ببعض السرطانات (مثل الثدي والقولون).
• زيادة مقاومة الإنسولين، وارتفاع خطر السكري من النوع الثاني.
انخفاض أوميجا-6 بشكل مفرط )نادر الحدوث (
• جفاف الجلد وتساقط الشعر.
• بطء التئام الجروح.
• اضطرابات في النمو لدى الأطفال.
التوازن بين أوميجا-3 وأوميجا-6 جزء من منظومة أوسع تشمل:
1. التوزيع العام للدهون: 25-35% من إجمالي السعرات اليومية من الدهون.
2. المصادر الصحية: غالبية الدهون من النوع غير المشبع، مع تقليل الدهون المشبعة والمتحولة.
3. التوازن الدقيق داخل مجموعة PUFA: الحفاظ على النسبة الموصى بها بين أوميجا-3 وأوميجا-6.
• زيادة أوميجا-3: تناول الأسماك الدهنية (سلمون، ماكريل، سردين) مرتين أسبوعيًا، وبذور الكتان والشيا، والجوز.
• ترشيد أوميجا-6: تقليل الزيوت المكررة (زيت الذرة، فول الصويا) والوجبات السريعة.
• اختيار زيوت صحية: زيت الزيتون، زيت دوار الشمس عالي الأوليك، زيت أوليين للقلى.
• التنوع الغذائي: الدمج بين مصادر نباتية وحيوانية للدهون.
إن التوازن بين أوميجا-3 وأوميجا-6 ليس مجرد تفصيل غذائي، بل مفتاح للتحكم في الالتهابات، حماية القلب، ودعم المناعة والدماغ.
وحين نربط هذا التوازن بالتوازن الكلي للدهون في غذائنا، نصنع أساسًا متينًا لحياة نشيطة وطويلة وخالية من كثير من أمراض العصر.