.png)

رئيس قسم الزيوت والدهون بمعهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث.
هل يمكن لزيتٍ واحد أن يغذّي خلايا الجسم من الداخل، ويمنح البشرة توازنها وصحتها من الخارج؟في زمن تتقاطع فيه مفاهيم التغذية الوظيفية مع العناية الذكية بالبشرة، يبرز زيت بذور العنب كأحد أكثر الزيوت النباتية غير التقليدية تميزًا؛ ليس فقط بتركيبه الغني بالأحماض الدهنية الحيوية ومضادات الأكسدة، بل بقدرته الفريدة على العمل من داخل الجسم عبر الغذاء، ومن خارجه عبر الجلد، ليعيد تعريف العلاقة بين ما نأكله وما نراه في مرآة صحتنا وبشرتنا.
هذا المقال يأخذك في رحلة علمية تطبيقية لفهم كيف يتحول زيت بذور العنب إلى عنصر تغذية داخلية وخارجية متكاملة، ولماذا أصبح ركيزة أساسية في الصناعات الغذائية، الصيدلانية، ومستحضرات التجميل الحديثة.
في سياق التحول العالمي نحو الاقتصاد الدائري (Circular Economy) وتعظيم الاستفادة من الموارد، أصبحت المخلفات الزراعية والغذائية أحد أهم مصادر القيمة المضافة غير المستغلة. وتُعد صناعة العنب (النبيذ والعصائر) من أكثر الصناعات توليدًا لمخلفات العصر (Pomace) التي تضم القشور والبذور والسيقان.
وقد تحولت بذور العنب من عبء بيئي إلى مادة خام استراتيجية لإنتاج زيت بذور العنب (Grape Seed Oil)، وهو زيت نباتي عالي القيمة الغذائية والوظيفية، تتزايد أهميته في الصناعات الغذائية، الصيدلانية، ومستحضرات التجميل، بما يعكس نموذجًا عمليًا ناجحًا للاستدامة الصناعية.
تمثل طريقة الاستخلاص العامل الحاسم في تحديد جودة الزيت، تركيبه الكيميائي، وثباته التأكسدي.
إضافة علمية:تشير دراسات حديثة (2020–2023) إلى أن زيت بذور العنب المستخلص بـ SFE يمتلك نشاطًا مضادًا للأكسدة أعلى بنسبة 20–30% مقارنة بالزيت المكرر بالمذيبات.

تنبيه علمي:ارتفاع نسبة اللينوليك يمنح الزيت قيمة جلدية عالية، لكنه يزيد من حساسيته للأكسدة الحرارية والضوئية.

نظرًا لغناه بالأحماض غير المشبعة:
أ- غذائيًا:
ب- صيدلانيًا:
ج- تجميليًا:
بيانات إنتاجية موثقة:
آفاق الاستثمار العربي:تمتلك مصر، المغرب، تونس، لبنان، سوريا فرصًا كبيرة عبر:
تحديات اقتصادية:
تحديات بيئية وتقنية:
حلول مقترحة:الدمج بين الاقتصاد الدائري، الطاقة المتجددة، والتقنيات الخضراء يقلل من هذه التحديات على المدى المتوسط.
يمثل زيت بذور العنب مثالًا واضحًا على تحويل المخلفات إلى ثروة، وفرصة علمية وصناعية واقتصادية حقيقية، خاصة للدول العربية ذات الإنتاج الزراعي المتنوع. فالاستثمار في هذا الزيت يعني دعم الاستدامة والابتكار وتعزيز القيمة المضافة المحلية.
ويبرز زيت بذور العنب كنموذج متقدم للزيوت الوظيفية بفضل تركيبه الكيميائي الذكي الغني بحمض اللينوليك، والتوكوفيرولات، والفيتوستيرولات، مما يمنحه قدرة مزدوجة على دعم صحة القلب والخلايا، وفي الوقت ذاته أداءً متميزًا في العناية بالبشرة بفضل طبيعته الخفيفة وسرعة امتصه ومقاومته للإجهاد التأكسدي.
وعلى المستوى الصناعي، يجسد هذا الزيت مفهوم الاستدامة التطبيقية بتحويل مخلفات العصر إلى منتج عالي القيمة يدخل في الصناعات الغذائية الوظيفية، والمستحضرات الصيدلانية، ومستحضرات التجميل العلاجية. وبين التغذية الداخلية والعناية الخارجية، يثبت زيت بذور العنب أنه ليس مجرد زيت نباتي، بل حل متكامل يجمع بين صحة الإنسان وكفاءة الصناعة وحماية الموارد.
وتؤكد النتائج المستخلصة من بحثين علميين شارك فيهما د. عادل جبر، كاتب هذا المقال، أن القيمة الحقيقية لزيت بذور العنب لا تكمن فقط في مكوناته الحيوية، بل في قدرته على الاندماج ضمن منظومة إنتاجية متكاملة منخفضة الهدر. ويكتمل هذا النموذج عندما تمتد الرؤية إلى النواتج الثانوية لصناعة العنب، حيث يمكن تحويل السيقان والأوراق إلى مواد حافظة طبيعية فعّالة تُحسن جودة الغذاء وتُطيل فترة صلاحيته.
وهكذا تُغلق الدائرة بوعي علمي كامل: بذور العنب تتحول إلى «الذهب الأخضر»، والنواتج الثانوية تُعاد صياغتها كحلول طبيعية مستدامة، لتجسد منظومة تبدأ بالتركيب، تمر بالوظيفة، وتنتهي بالاستدامة.