قاضي دولي في زيت الزيتون عضو الجمعية العلمية للصناعات الغذائية – جامعة الاسكندرية
صُنع زيت الزيتون المنكّه منذ القدم. ففي الكتب المقدسة العبرية، أمر الله موسى أن يمسح الكهنة بزيت زيتون مُعطّر بالمر والقرفة. كما استخدم اليونانيون القدماء زيت الزيتون المُعطّر كقرابين لآلهتهم.
وفي الحضارة الرومانية، أظهر التحليل الجزيئي للمقابر أن زيت الزيتون المنقوع بالقرفة أو راتنج الصنوبر أو اللبان أو المر كان يُسكب على الجثث قبل حرقها أو دفنها.
تتوقع تقارير حديثة أن يتضاعف حجم سوق زيت الزيتون المنكّه من 1.29 مليار دولار أمريكي عام 2024 إلى 2.47 مليار دولار بحلول عام 2033.
وأشارت أبحاث السوق إلى أن تزايد الوعي بالفوائد الصحية، وتعدد استخدامات الزيت المنكّه في الطهي، ورغبة المستهلكين في الأطعمة الفاخرة هي من أبرز أسباب نمو هذا القطاع.
بالمقارنة، فإن سوق زيت الزيتون ككل سينمو بوتيرة أبطأ، من 15.11 مليار دولار عام 2024 إلى 19.77 مليار دولار عام 2032.
يرى منتجون أن زيت الزيتون المنكّه وسيلة لتنويع منتجاتهم، بينما يخشى خبراء أن يُضعف ذلك من معرفة المستهلك بالنكهات الطبيعية لزيت الزيتون البكر الممتاز.
ويؤكد الخبراء أن المستهلكين بحاجة لمزيد من التثقيف، إذ أن تقديم الزيت المنكّه قد يُربكهم ويصرف انتباههم عن مفاهيم أساسية مثل "البكر الممتاز" و"البوليفينول".
تتضمن طريقة "أجروماتو" طحن الزيتون مع فواكه أو أعشاب مثل الحمضيات (برتقال، ليمون...). توضع الفاكهة كاملة مع الزيتون في القادوس ثم تُسحق وتُعجن قبل العصر المركزي، ما يمنح نكهة أصلية وصحية.
ويُعد زيت "أجروماتو" خيارًا عمليًا في الطهي، إذ يُغني عن إضافة مكونات منفصلة كالليمون أو البرتقال، ويوفر نكهة طبيعية مركزة.
تنتشر أيضًا زيوت الزيتون المنكّهة بالنقع أو بإضافات صناعية. ففي الولايات المتحدة، تبيع كبرى الشركات زيوت زيتون بنكهات مثل الثوم والكمأة السوداء والهالبينو، غالبًا في عبوات بخاخ.
ورغم إقبال بعض المستهلكين على التجديد، إلا أن شريحة واسعة لا تعرف كيف تستخدم هذه الزيوت إلا في وصفات محددة، مما يحدّ من انتشارها.
في أسواق مثل اليابان والهند، حيث يزداد الاهتمام بالطعام الإيطالي، يساعد زيت الزيتون المنكّه في التكيف مع اختلاف المكونات المحلية.
لكن بعض الخبراء يعتبرونه "حيلة" تجارية، ويرون أن إضافة عصير أو قشر الفاكهة الطازجة يمنح نتائج أفضل من الزيت المنكّه.
يرى الطهاة أن الزيوت المنكّهة أقل تنوعًا من زيت الزيتون البكر الممتاز. فبمجرد تسخينها تختفي النكهات سريعًا. وبالتالي، يفضلون إضافة الأعشاب أو المكونات مباشرة للأطباق.
بحسب المجلس الدولي للزيتون، لا يمكن اعتبار الزيوت المُنكّهة "زيوت زيتون" ولا تصنيفها ضمن هذه الفئة، لكونها تحتوي على إضافات.
ويحذر النقاد من أن تسويقها كزيوت بكر ممتازة مُنكّهة قد يُضلل المستهلكين. لذلك تُعرض غالبًا في ركن منفصل عن زيوت الزيتون البكر الممتاز في المتاجر.