رئيس قسم الزيوت والدهون بمعهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث.
في ظل التوجه العالمي المتزايد نحو المنتجات الطبيعية والصحية "حيث أن العودة إلى الطبيعة ليست ترفًا، بل ضرورة لصحة أفضل " فتبرز الزيوت البكر المعصورة على البارد كأحد الخيارات المثالية التي تجمع بين النقاء والجودة والقيمة الاقتصادية.
فهي ليست مجرد منتج غذائي، بل تمثل فرصة لتحقيق استدامة حقيقية من خلال سلسلة إنتاج تبدأ من اختيار بذور سليمة وطازجة، مرورًا بعمليات استخلاص دقيقة، وصولًا إلى تدوير المخلفات لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
الزيوت البكر تُستخلص بوسائل ميكانيكية دون مذيبات كيميائية أو حرارة مرتفعة، مما يسمح بالحفاظ على مركباتها الحيوية الدقيقة مثل الفيتامينات الذائبة في الدهون، التوكوفيرولات، الإستيرولات، مضادات الأكسدة، والصبغات النباتية. وهي مركبات ثبت دورها الفسيولوجي في دعم المناعة، ومقاومة الالتهاب، والوقاية من الأمراض المزمنة.
ومن أمثلة هذه الزيوت: زيت حبة البركة، الكتان، الجرجير، السمسم، جوز الهند، اللوز، وغيرها. وتتميز جميعها بالحساسية الشديدة للظروف الفيزيائية والكيميائية، ما يستدعي عناية كبيرة في جميع مراحل المعالجة والتخزين.
ومع تزايد الإقبال على هذه الزيوت كخيار غذائي راقٍ وطبيعي، تبرز مسؤولية المنتجين في ضبط كل مراحل الاستخلاص، والتنقية، والتعبئة، والتوزيع بما يضمن بقاء القيمة كاملة في كل قطرة، ويُحافظ على الصورة النقية لهذا المنتج حتى وصوله إلى المستهلك.
إن الزيوت البكر المعصورة على البارد تُعد ثروة غذائية ووظيفية عالية القيمة، لكن الحفاظ على هذه الجودة يتطلب فهمًا دقيقًا لمراحل الإنتاج والتخزين والاستفادة من النواتج الثانوية مثل الكُسب.
اختيار البذور الزيتية يُعد العامل الأول في ضمان جودة الزيت. فالبذور الطازجة، النظيفة، الخالية من الإصابات الحشرية والفطرية، تُنتج زيتًا أكثر نقاءً واستقرارًا. كما أن حداثة الموسم تؤثر بشكل مباشر على محتوى الزيت.
أما ظروف النقل والتخزين، فهي لا تقل أهمية؛ فالرطوبة المرتفعة، سوء التهوية، أو درجات الحرارة العالية قد تفسد البذور قبل عصرها. لذا، يُوصى بتخزينها في أماكن باردة، جافة، جيدة التهوية، ونظيفة.
- وجود رطوبة أو شوائب في الزيت الخام قد يؤدي إلى تحلل وأكسدة، مما يرفع رقم البيروكسيد ويُغيّر الطعم والرائحة.
- الأكسجين الموجود في الهواء يسرّع من الأكسدة، خاصةً في الزيوت غير المشبعة مثل زيت الكتان.
- المعادن الثقيلة مثل الحديد والنحاس تُعجّل من التزنخ عند ملامسة الزيت.
- الضوء والحرارة المرتفعة يُسهمان في تدهور المركبات الحساسة وفقدان الجودة.
تشير دراسات وردت فى كتاب Bailey’s إلى أن الزيوت البكر قد تفقد ما يصل إلى 40% من مضادات الأكسدة خلال 3 أشهر من التخزين غير السليم.
نسب الزيت في بعض البذور الزيتية قبل وبعد العصر على البارد:
بعد عملية الاستخلاص، يتبقى كُسب (Oil Cake) غني بالبروتينات والألياف والمعادن، ويمكن استغلاله في:
1. صناعة الأعلاف. 2. الأسمدة العضوية. 3. مستحضرات التجميل.
4. الصناعات الغذائية الوظيفية.
ويمكن في بعض الحالات تنفيذ عصرة ثانية لاستخراج كمية إضافية من الزيت، لكن عادةً ما تكون جودته أقل من العصرة الأولى.
الزيوت البكر المعصورة على البارد ليست فقط غذاءً صحيًا، بل تمثل استثمارًا في مستقبل الصناعات الطبيعية. ولتحقيق أعلى جودة، لا بد من الالتزام بالمعايير الفنية الدقيقة في كل مرحلة إنتاج.
نوصي بـ:- مراقبة الجودة من البذرة وحتى مائدة الطعام.
تحسين ظروف العصر والتخزين.
- التوعية بمزايا الزيوت الطبيعية.
كل قطرة نقيّة... استثمار في الصحة والاستدامة.
ملحوظة: يرجى العلم بأن زيت الزيتون البكر له مواصفات ومعايير خاصة ولم يتم الحديث عنه فى هذا المقال لخصوصيته وتفرده فى أمور عديدة، وقد خصص له أ.د. عادل جبر عدة مقالات متعمقة حوله على موقع "زيوت ودهون بالعربي"، من أبرزها:
زيت الزيتون البكر الممتاز: غذاء علاجي بمعايير طبية
زيت الزيتون: الذهب السائل بين الأصالة والغش
ما هو زيت الزيتون البكر الممتاز؟ وماهي خصائصه وفوائده؟ والفرق بينه وبين الأنواع الأخرى؟