.png)

قاضي دولي في زيت الزيتون عضو الجمعية العلمية للصناعات الغذائية – جامعة الاسكندرية
هل سمعت يوماً عن شوكولاتة زيت الزيتون؟ هذا ما بحثنا عنه بعد سماع ذلك من أحد الأصدقاء الذي أحضر معه منتجاً إيطالياً مميزاً. استوقفنا هذا المنتج، وكان لهذا المزيج نكهة مميزة.
وجدنا أنه خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، تحول مزج زيت الزيتون بالشوكولاتة من مجرد فضول إلى نكهة مفضلة لدى الجميع. إذا بحثت عن "شوكولاتة زيت الزيتون" على الإنترنت، فستجد وفرة من الوصفات الشهية لكعكات الشوكولاتة المنكهة بزيت الزيتون.
هذا الاتجاه يُعتقد أنه أثار شغف الاكتشاف لكعكة زيت الزيتون والشوكولاتة، مما دفع مجموعة مختارة من صانعي الشوكولاتة المحترفين (وكذلك صانعي الحلويات) لتطوير هذا المزيج الشهي، بجعل زيت الزيتون مكوناً أساسياً في الشوكولاتة نفسها، والآن نرى منتجات شوكولاتة بزيت الزيتون في الأسواق.
هناك العديد من أوجه التشابه الرائعة بين الشوكولاتة عالية الجودة وزيت الزيتون. ببساطة، يُصنع كلاهما بسحق الفاكهة؛ حيث يُستخرج زيت الزيتون من لب ثمرة الزيتون، بينما تُستخدم البذور (حبوب الكاكاو) في الشوكولاتة. وبالتالي، تتأثر نكهة كلا هذين النوعين الشهيين بمجموعة متشابهة من العوامل المعقدة، مثل: الصنف الجيني، وظروف الزراعة، وأسلوب المعالجة، وتربة الزراعة. كما يمكن أن يتغير طعم كليهما من موسم حصاد إلى آخر.
تعد هذه التعقيدات في النكهة جزءاً رئيسياً من سبب كون الشوكولاتة وزيت الزيتون شريكين رائعين في عالم الطهي. فإلى جانب التوازن الطبيعي بين الحلو والمر، هناك تناغم أعمق في الروائح. يمكن لزيت الزيتون أن يكون مذاقه حاراً أو حلواً أو مراً، أو ذا فاكهية عشبية مع روائح مميزة للجوز أو الطماطم الخضراء (مما يشتهيه عشاق التذوق)، أو متجانساً ومتناغماً بصفات مميزة، وكلها تنسجم بتناغم مع الطيف الواسع من نكهات الكاكاو والشوكولاتة.
أي شخص يتمتع بحاسة تذوق دقيقة سيُعجب بكيفية تداخل هذه التفاصيل الدقيقة؛ لذلك نجد دورات لتعلم تذوق زيت الزيتون من خبراء متخصصين.
إلى جانب هذا المزيج من النكهات، يلعب الملمس دوراً رئيسياً في جعل الشوكولاتة وزيت الزيتون مزيجاً مثالياً. أحد أسباب ذوبان الشوكولاتة الجيدة بسلاسة هو احتواء الكاكاو على حوالي 50% من الدهون، والمعروفة أيضاً باسم "زبدة الكاكاو".
لحسن الحظ، تذوب زبدة الكاكاو عند درجة حرارة تتراوح بين 34 و38 درجة مئوية، وهي درجة حرارة مماثلة لدرجة حرارة أجسامنا؛ ولهذا السبب عادةً ما تكون الشوكولاتة مستقرة في درجة حرارة الغرفة، لكنها تبدأ بالذوبان بمجرد دخولها إلى الفم.
يضيف العديد من صانعي الشوكولاتة زبدة كاكاو إضافية لجعل الشوكولاتة أكثر نعومة، ولكن من الممكن استبدالها بدهون وزيوت أخرى. في الشوكولاتة رديئة الجودة، غالباً ما تجد بديلاً لزبدة الكاكاو من دهون أرخص مثل زيت النخيل أو الزيوت النباتية. ومع ذلك، يتخذ بعض أفضل صانعي الشوكولاتة في العالم الآن مساراً مختلفاً، حيث يستخدمون زيوتاً خاصة تكمل الكاكاو وتعزز نكهة الشوكولاتة، ويتصدر زيت الزيتون العطري ذو الفاكهية المميزة هذه القائمة.
والجدير بالذكر أن باحثين في جامعة "لا سابينزا" في روما قاموا بتطوير منتج شوكولاتة اعتماداً على مادة "الأوليوروبين" (Oleuropein) المسببة للمرارة بزيت الزيتون، وهي مادة مشتقة من زيت الزيتون البكر الممتاز تساعد في الحفاظ على نسبة السكر في الدم منخفضة.
أبرز نتائج الدراسة:
تم اختبار الشوكولاتة الجديدة على 25 مريضاً يعانون من مرض السكري من النوع الثاني، و20 شخصاً يتمتعون بصحة جيدة، وطُلب منهم تناول 40 جراماً من الكاكاو وكريم البندق (طبيعي أو مدعم بنسبة 4% من الأوليوروبين). أظهرت النتائج أن تناول الشوكولاتة مع زيت الزيتون عند مرضى السكر يقلل من ذروة نسبة السكر في الدم التي تحدث بعد ساعتين من تناول الشوكولاتة دون الأوليوروبين.
وقد تم في دراسات سابقة تحديد أن مادة الأوليوروبين هي المسؤولة عن التأثير الوقائي لزيت الزيتون البكر الممتاز على التمثيل الغذائي (الموجودة في الزيتون وأوراق الزيتون)؛ فهي تجنب التقلبات في نسبة السكر في الدم بعد تناول الطعام، وهي مسألة شائعة جداً لدى مرضى السكر تساهم في تزايد احتمال تصلب الشرايين وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية.
وبالتالي، فإن شوكولاتة زيت الزيتون تساعد على تجنب زيادة نسبة السكر في الدم التي قد تحدث بعد تناول الشوكولاتة العادية، مما يسمح للمرضى بالاستمتاع بهذا الطعام دون الحاجة إلى اللجوء إلى المنتجات الخالية من السكر.