.png)

رئيس قسم الزيوت والدهون بمعهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث.
أحيانًا يكشف لنا العلم عن أبعاد جديدة لمكونات نظن أننا نعرفها جيدًا. ففي مراجعة تحليلية حديثة أجرتها جامعة بنسلفانيا ونُشرت في مجلة Aggression and Violent Behavior، أظهرت النتائج أن مكملات أوميجا‑3 يمكن أن تُسهم في تقليل السلوك العدواني بنسبة تصل إلى 28% على المدى القصير. هذا التأثير غير المتوقع يضاف إلى قائمة طويلة من فوائد زيت الأسماك، وسنعود إليه بالتفصيل في البند (11).
في البيئات البحرية الباردة والعميقة، تتكون واحدة من أهم الثروات الغذائية‑الدوائية: زيت الأسماك. ليس مجرد مكمل غذائي، بل مركب دوائي‑غذائي تدعمه دراسات محكمة تغطي القلب، الدماغ، المناعة، العين، والسلوك.
زيت الأسماك هو الزيت المستخرج من أنسجة الأسماك الدهنية، خاصة تلك التي تعيش في المياه الباردة.
ويُعد هذا الزيت المصدر الغذائي الأهم لـ EPA و DHA، وهما أحماض دهنية أساسية لا ينتجها الجسم بكفاءة.
تعزى القيمة الصحية الكبيرة لزيت الأسماك إلى مكوناته الفريدة:
تشير الأبحاث في NEJM و Circulation و JAOCS إلى فوائد قوية:

قد يبدو السؤال بسيطًا: هل أتناول كبسولة زيت سمك… أم أكتفي بوجبة سمك جيدة؟
الإجابة الأقرب للعلم: ابدأ بالسمك، وأكمل بالكبسولات عند الحاجة.
فالأسماك الدهنية مثل السلمون، الماكريل، السردين، الرنجة، والأنشوجة لا تمنحك أحماض أوميجا-3 فقط، بل تقدّم معها حزمة متكاملة من البروتين عالي الجودة، وفيتامين D، واليود، والسيلينيوم، وعناصر أخرى تعمل في الجسم بتآزر يجعل الاستفادة الغذائية أعلى وأكثر توازنًا من الاعتماد على الكبسولات وحدها.
لهذا توصي هيئات علمية دولية – مثل جمعية القلب الأمريكية (AHA) – بتناول حصتين على الأقل أسبوعيًا من الأسماك الدهنية؛ أي وجبتين واضحتين في الأسبوع يكون فيهما السمك الدهني المكوّن الأساسي في الطبق.
أما كبسولات زيت السمك فتبقى أداة ممتازة للتكميل في الحالات التالية:
الخلاصة العملية:
اجعل على مائدتك وجبتين من السمك الدهني أسبوعيًا قدر الإمكان (لمن استطاع إليه سبيلا)، ثم فكّر في الكبسولات كوسيلة دعم إضافية عند الحاجة الطبية أو عند صعوبة الالتزام بالغذاء المثالي. السمك هو الأصل… والكبسولات هي الاحتياطي الذكي (دع الكبسولات تُكمّل ما لا تستطيع الأطباق القيام به).
تشير مراجعة جامعة بنسلفانيا (Aggression and Violent Behavior) إلى أن مكملات أوميجا‑3 قد تقلل السلوك العدواني بنسبة 28%.
هذا يكشف دورًا جديدًا للأوميجا‑3 في تنظيم السلوك والانفعالات.
تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة للتطبيقات الدوائية والغذائية، وتدعم توسع سوق مكملات EPA و DHA.
بعد هذه الرحلة من أعماق البحر إلى دقّة المختبر، يتضح لنا أن زيت الأسماك ليس مجرد دهون بحرية، بل مركّب حيوي متعدد الأدوار يجمع بين:
إن القيمة الحقيقية لزيت الأسماك تظهر عندما ندرك أنه لا يعمل منفردًا، بل كجزء من منظومة غذائية متوازنة؛ لذلك فإن تناول الأسماك الدهنية مرتين أسبوعيًا هو الأساس الذي تُبنى عليه الصحة القلبية والذهنية عبر مراحل العمر المختلفة.
وفي عالم يتسارع فيه الإيقاع وتزداد تحدياته، يبدو أن قطرات زيت السمك تحمل معنا مفتاحًا غذائيًا يساعدنا على بناء قلب أقوى، ودماغ أكثر صفاءً، وسلوك أكثر توازنًا… للصغار والكبار على حدّ سواء.
إنها هدية البحر… وكنز العلوم الحديثة.
يمثل زيت الأسماك عنصرًا محوريًا في الطب الغذائي الحديث. ولتحقيق أقصى استفادة: اختر منتجًا موثوقًا، التزم بالجرعات، خزّنه بشكل صحيح، واستشر الطبيب عند تناول أدوية سيولة.