هل الزيوت سبب الحساسية… أم أن البروتينات هي الخطر الخفي؟

تاريخ النشر:
August 22, 2025
أخر تعديل:
August 22, 2025

رئيس قسم الزيوت والدهون بمعهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث.

دليل علمي لاختيار الزيت الآمن: من أصل المصدر إلى الفارق بين المكرر والبكر

سؤال حيوي في عالم التغذية

الحساسية الغذائية تُعَدّ من أبرز تحديات الصحة الحديثة، خصوصًا لدى الأطفال وذوي المناعة المفرطة.

وبينما تُوجَّه الأنظار غالبًا نحو المكسرات أو البيض، تبقى الزيوت الغذائية في منطقة رمادية تُثير القلق:

كيف يمكن لزيت – وهو في الأساس دهون نقية – أن يُسبّب رد فعل تحسسي؟

🔍 الإجابة العلمية: الدهون بريئة، لكن البروتينات العالقة في الزيت هي الجاني الحقيقي.

هنا يبرز الفارق الحاسم:

الزيت المكرر = غالبًا آمن.

الزيت البكر/غير المكرر = خطر قائم قد يصل إلى صدمة تحسسية مهددة للحياة.

⚡ ما هي حساسية الطعام؟ استجابة مناعية مفرطة

الحساسية الغذائية هي خطأ مناعي، حيث يتعامل الجسم مع بروتين غذائي كأنه عدو.

تتدرج الأعراض من:

• حكة وطفح جلدي 🌸

• آلام في البطن 🤕

• وصولًا إلى التأق (Anaphylaxis): حالة طارئة تتضمن تورمًا وصعوبة تنفس وانخفاض ضغط الدم، وقد تهدد الحياة.

الزيوت غير المكررة: خطر حقيقي

• تحتفظ بالبروتينات القادمة من البذور أو الفواكه.

• قد تُسبب تفاعلات تحسسية خطيرة مثل الطفح الجلدي، تورم الحلق، وحتى "التأق" (Anaphylaxis).

• أمثلة: زيت فول سوداني بكر، زيت سمسم غير مكرر، زيت جوز أو لوز بكر.

الزيوت المكررة: أمان مشروط

• عمليات التكرير (تكرير – تبييض – إزالة الروائح) تزيل تقريبًا كل البروتينات المسببة للحساسية.

• الهيئات العالمية FDA ،  EFSA تؤكد أن الزيوت المكررة آمنة لمعظم مرضى الحساسية.

• أمثلة: زيت الصويا المكرر، زيت عباد الشمس المكرر، زيت الكانولا المكرر.

كيف نكشف عن البروتينات المتبقية؟

لضمان نقاء الزيوت وخلوها من مسببات الحساسية، تلجأ المصانع والمعامل إلى تحاليل دقيقة، أبرزها:

1. اختبار ELISA

o يكشف البروتينات المسببة للحساسية حتى بتركيزات دقيقة جدًا (أجزاء من المليون).

o يُستخدم على نطاق واسع لمراقبة الجودة بعد التكرير.

2. PCR  تفاعل البلمرة المتسلسل

o يبحث عن المادة الوراثية للنبات (DNA)، حتى لو تغيّر شكل البروتين أثناء المعالجة.

o يُستخدم كاختبار تأكيدي أو للكشف عن مسببات حساسية متعددة في وقت واحد.

النتيجة: هذه التحاليل هي صمام الأمان الذي يضمن وصول زيت نقي وآمن إلى المستهلك.

مقارنة بين الزيوت الشائعة وخطر الحساسية

الفرق بين زيوت البذور وزيوت الفواكه

• زيوت البذور: (فول سوداني – سمسم – صويا – عباد الشمس) = أكثر عرضة للاحتفاظ بالبروتينات المثيرة للحساسية.

• زيوت الفواكه: (زيتون – أفوكادو – جوز الهند) = أقل خطورة عادةً، لأن محتواها من البروتين قليل جدًا.

هل الزيوت المسببة للحساسية الغذائية قد تسبب أيضًا تحسسًا جلديًا؟

الحساسية الغذائية عادةً ما ترتبط بتناول الزيت عبر الفم، لكن السؤال المهم: ماذا يحدث إذا استُخدمت نفس الزيوت في منتجات البشرة أو الشعر؟

• الزيوت غير المكررة (مثل زيت السمسم أو الفول السوداني البكر) قد تحتفظ ببقايا بروتينات قادرة على إثارة تحسس جلدي أو طفح عند ملامستها للجلد أو فروة الرأس، خاصة لدى الأشخاص شديدي الحساسية.

• هناك تقارير طبية عن حالات تهيج جلدي بسبب مستحضرات تجميل تحتوي على زيوت بكر من مصادر مسببة للحساسية.

• أما الزيوت المكررة بالكامل فتكون غالبًا آمنة للاستعمال الموضعي، لأن التكرير يزيل البروتينات المثيرة للحساسية.

🔹 التوصيات العملية:

• على الأشخاص ذوي الحساسية المعروفة لمصدر معين (مثل السمسم أو الفول السوداني) تجنب منتجات العناية التي تحتوي على زيوته غير المكررة.

• يجب على الشركات المصنعة لمستحضرات التجميل توضيح نوع الزيت ودرجة تكريره على العبوة.

• يُنصح الأطباء وأخصائيو الجلدية بالسؤال عن مستحضرات التجميل عند تشخيص حالات التحسس.

الخلاصة: الخطر لا يقتصر على المطبخ فقط، بل قد يمتد إلى زيوت التجميل إذا كانت غير مكررة وتحمل بقايا بروتينات مسببة للحساسية.

التوصيات العملية حسب الفئة المستهدفة

🔹 للمستهلكين (خاصة الأمهات وذوي الحساسية):

• اقرأ الملصق الغذائي جيدًا وابحث عن كلمة "مكرر بالكامل".

• تجنّب الزيوت البكر إذا كان لديك حساسية معروفة من مصدرها.

• استشر الطبيب قبل تجربة أي زيت جديد.

🔹 للمنتجين وصنّاع الأغذية:

• الالتزام باستخدام زيوت مكررة بالكامل في المنتجات الموجهة للأسواق الحساسة.

• إجراء تحاليل (ELISA، PCR) بشكل دوري للتأكد من النقاء.

• كتابة درجة التكرير بوضوح على الملصقات.

🔹 للهيئات الرقابية:

• إلزام الشركات بذكر درجة التكرير والتحذير من الزيوت البكر.

• مراقبة خطوط الإنتاج لمنع التلوث المتبادل.

• إعداد قاعدة بيانات وطنية لحالات الحساسية المرتبطة بالزيوت.

🔹 للباحثين:

• تطوير تقنيات تكرير أكثر فاعلية لإزالة البروتينات تمامًا.

• دراسة معدلات الحساسية من الزيوت في مختلف المناطق الجغرافية.

🔹 للإعلاميين والفوود بلوجرز:

• تقديم محتوى متوازن ومسؤول: لا تهويل غير علمي ولا تبسيط مخل.

• توعية الأسر بأن الخطر يكمن في الزيوت غير المكررة لا في الزيت كدهون.

الخاتمة: براءة للدهون… إدانة للبروتينات

الحساسية من الزيوت ليست "لغزًا غذائيًا"، بل علم واضح:

• الزيوت المكررة آمنة لمعظم الناس.

• الزيوت غير المكررة تحمل الخطر الحقيقي.

المعادلة إذن بسيطة وواضحة:

• المستهلك يقرأ ويفهم.

• المنتج يلتزم ويحلل.

• الرقابة تضع اللوائح وتتابع.

• الإعلام ينقل الحقيقة بدقة.

بهذا التكامل، تصبح الزيوت مصدرًا للطاقة والصحة… لا مصدرًا للقلق والخطر. 🌿

أقرأ إيضا

النشرة البريدية

تواصل معانا وتابعنا على منصات التواصل الإجتماعي

Tiktok logolinkedin logoinstagram logofacebook logoyoutube logoX logoEmail icon
.Copyright Zyotwdhon. All Rights Reserved ©