رئيس قسم الزيوت والدهون بمعهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث.
ليست كل الثمار تُولد متشابهة… فالأفوكادو ثمرة استثنائية تحمل في قلبها ما هو أبعد من الطعم الغني والفوائد الصحية. إنها تذكرة ذهبية لعالم الزيوت الفاخرة، وبوابة واسعة أمام مصر لفتح صناعة تصديرية جديدة تدر ملايين الدولارات. لونه الأخضر الزمردي ونكهته الجوزية الناعمة يخفيان كنزاً استثمارياً متكاملاً: من المزرعة إلى خطوط الاستخلاص، ومن المطابخ العالمية إلى معامل التجميل والطب.
في وقت يتعطش فيه السوق العالمي لزيوت نادرة وذات قيمة عالية، يقف زيت الأفوكادو كفرصة استثنائية لمصر، بفضل مناخها المثالي وأراضيها القابلة للتوسع، ليصبح المشروع الزراعي – الصناعي الذي يجمع بين العائد الاقتصادي الكبير، والقيمة المضافة، والقدرة على المنافسة العالمية.
الأفوكادو ليس مجرد فاكهة للسلطة أو العصائر، بل هو محصول يمكن أن يتحول إلى صناعة متكاملة:
• إنتاجية الفدان: 5–8 أطنان سنويًا (وقد تصل إلى 10 أطنان في الزراعات المكثفة).
• نسبة الزيت في الثمرة كاملة: 12–22% حسب الصنف والنضج.
• نسبة الزيت في اللب: 15–30% (المصدر الأساسي للاستخلاص).
• نسبة الزيت في النواة: 2–3% فقط، ولا تُستخدم عادة في الإنتاج الغذائي.
اختيار الصنف المناسب هو حجر الأساس في نجاح المشروع:
• هاس (Hass): النجم التجاري بنسبة زيت 18–22% مع لون ونكهة مميزة.
• فويرتي (Fuerte): زيت 18–20% بطابع نكهة أقوى.
• ريد (Reed): زيت 15–18%، فاتح اللون، مثالي للخلطات.
• بيكون (Bacon): 15–20%، مناسب للمنتجات الصناعية أو المزج.
طريقة الاستخلاص تحدد جودة الزيت وعائده:
• حمض الأوليك 55–75% : يدعم صحة القلب ويمنح الزيت ثباتًا حراريًا عاليًا.
• فيتامين 200–400 E ملجم/كجم : مضاد أكسدة قوي وركيزة أساسية في التجميل.
• الإستيرولات النباتية: تخفض الكوليسترول وتعزز المناعة.
• الكاروتينات والكلوروفيل: تمنح اللون الأخضر وتحمي العين.
رغم أن سعر الكيلو للمستهلك محليًا مرتفع، إلا أن استخلاص الزيت يثبت جدواه:
• القيمة المضافة: لتر الزيت يتجاوز 20–25 دولار (≈ 960–1,200 جنيه).
• استغلال الثمار غير المطابقة للتسويق الطازج: يقلل الفاقد ويرفع العائد.
• التكامل بين السوقين: بيع الثمار المتميزة طازجة وتوجيه البقية للتصنيع يحقق أعلى ربحية.
• السيناريو 1 – بيع الثمار طازجة:.
• السيناريو 2 – استخلاص الزيت بالكامل
• السيناريو 3 – الدمج بين البيع للثمار الدرجة الأولى والتصنع لكل الدرجات من الثمار.
• التصنيع الكامل مربح مع وجود منفذ تصديري.
• الدمج بين الطازج والتصنيع يقلل المخاطر ويزيد الربحية.
• البيع في عبوات صغيرة يرفع هامش الربح في الأسواق المتخصصة.
لا ينتهي كنز الأفوكادو عند لحظة استخلاص الزيت، بل تبدأ رحلة جديدة لتعظيم الاستفادة من كل جزء من الثمرة، وتحويل المخلفات إلى موارد اقتصادية:
• بقايا اللب: أعلاف حيوانية، مكملات غذائية، مستحضرات تجميل طبيعية.
• البذور (النواة): مركبات مضادة للأكسدة، دقيق خالٍ من الجلوتين، وقود حيوي.
• القشور: صبغات طبيعية، مستخلصات دوائية، أسمدة عضوية.
• مياه الاستخلاص: مصدر لمضادات أكسدة أو معاد استخدامها في الري.
المخلفات تتحول إلى منتجات إضافية ترفع العائد وتضع المشروع في خانة الاستثمار الأخضر المستدام.
• الغذاء والمشروبات: يمثل أكبر استخدام لزيت الأفوكادو (~51.5% من السوق العالمي)، حيث يُستخدم في القلي (نقطة احتراق 250°م)، السلطات، كبسولات أوميغا-9، إضافةً إلى منتجات الطهي مثل رذاذ الزيت الذي بلغت قيمته السوقية 314 مليون دولار عام 2023 مع نمو سنوي متوقع يفوق 7.6%.
• التجميل والعناية الشخصية: قطاع قوي ومتنامٍ، إذ يدخل زيت الأفوكادو في كريمات الترطيب، مضادات الشيخوخة، وعلاجات الشعر، ويُستخدم في 26% من منتجات التجميل الفاخرة في أوروبا.
• الطب والمكملات الغذائية: يُسهم في دعم صحة المفاصل وتحسين امتصاص الفيتامينات، ويغذي سوقًا متناميًا للمكملات والصيدلة مدفوعًا بالوعي الصحي العالمي.
• الصناعة: يُستعمل في إنتاج الصابون الفاخر ومواد التشحيم المتخصصة.
• الطلب لا يقتصر على الغذاء فقط، بل يمتد إلى التجميل والدواء.
• تنويع المنتجات (زيت خام، رذاذ، مواد خام للتجميل) يعزز فرص التصدير.
• التركيز على الجودة والاستدامة يرفع جاذبية المنتج في الأسواق العالمية.
الإنتاج العالمي للأفوكادو بلغ 9 ملايين طن، بينما لا يتعدى إنتاج الزيت 200 ألف طن، مقابل طلب يتجاوز 500 ألف طن سنويًا، أي فجوة لا تقل عن 300 ألف طن يمكن لمصر اقتناصها.
• مناخ مثالي لزراعة الأصناف التجارية (خاصة هاس).
• مساحات قابلة للتوسع في الساحل الشمالي، الوادي الجديد، وسيناء.
• موقع استراتيجي يتيح تصديرًا سريعًا وبتكاليف منخفضة لأسواق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
زيت الأفوكادو ليس رفاهية غذائية، بل مشروع قومي مصغر يربط المزارع بالمصنع بالسوق العالمي. التحرك الآن يعني امتلاك السبق، وبناء صناعة مصرية تنافس عالميًا، وتحويل الأفوكادو من ثمرة موسمية إلى رمز لصناعة تصديرية واعدة تدر ملايين الدولارات، وتساهم في تحسين الميزان التجاري ودعم الاقتصاد الوطني.