ليم كان مناصراً لا يعرف الخوف، رفع زيت النخيل من مجرد محصول متواضع إلى سلعة عالمية.
يسألني الكثيرون عن سبب شغفي العميق بزيت النخيل. وعند التأمل، تتضح لحظة حاسمة واحدة لا تُنسى: لحظة وحي في عام 2003، عندما التقيت بتون الدكتور ليم كينج يايك. بصفته وزير الصناعات الأساسية من 1986 إلى 2004، كان ليم مناصراً شجاعاً رفع مكانة زيت النخيل من محصول زراعي بسيط إلى سلعة عالمية. وبعد أكثر من عقد على وفاته، لا يزال إرثه يحرك شيئاً عميقاً في داخلي.
في عام 2003، أتيحت لي فرصة إلقاء خطاب بعنوان "قرن من نخيل الزيت في ماليزيا" خلال تجمع نظمه اتحاد زيت النخيل الماليزي، بفضل المدير التنفيذي آنذاك السيد إم. آر. شاندرا. ألقيت الخطاب بحماس، وكانت عيناي مثبتتين على رجل واحد: ليم. كان صامتاً، يدخن سيجارة، لكنه كان مندمجاً بالكامل.
طرحت فكرة تعيين الممثلة ميشيل يوه سفيرة لزيت النخيل الماليزي – لمواجهة منظمات مثل WWF التي استعانت بمشاهير مثل جينيفر لوبيز. بعد الخطاب، اقتربت من طاولته، فابتسم وقال: "رائع، يا شاب. زيت النخيل له مستقبل معك." ثم أضاف ضاحكاً: "وأحببت فكرة ميشيل يوه... إنها ابنة أختي، هل كنت تعلم؟"
تلك اللحظة لا تزال محفورة في ذهني. كانت كاريزمته، وروح الدعابة لديه، وحدسه الإعلامي، كلها ملهمة.
وُلد ليم في تابه، بولاية بيراك، وفقد والدته وهو في الثانية عشرة. درس الطب في بلفاست، أيرلندا، وعاد إلى ماليزيا عام 1964 كطبيب شاب معروف بعطفه – يعالج المرضى مجاناً أحياناً. لقّبه الناس بـ "الدكتور المجنون الطيب"، وحمل تلك الروح معه إلى عالم السياسة.
عُيِّن وزيراً للصناعات الأساسية عام 1986، فغاص في أعماق قطاع السلع الماليزية المعقد، بذاكرة حادة وعقل استراتيجي. خلال حملة جمعية فول الصويا الأمريكية (ASA) المعادية لزيت النخيل عام 1987، تصدّر ليم المواجهة بشجاعة وحنكة.
في أواخر الثمانينيات، دفعت ASA لتشريع أمريكي ضد زيت النخيل. ورغم أن السوق صغير، تنبّه ليم إلى ما هو أعمق: حرب تجارية تتخفى خلف ذريعة صحية.
مستلهماً من فن الحرب لـ "سون تزو" ولعبة "المهجونج" وروح الدعابة الأيرلندية، أطلق ليم هجوماً ثلاثي الجوانب:
بحلول 1989، لوّح ليم بـ "قنبلته الهيدروجينية" – وهي الكشف عن أخطار الزيوت المهدرجة مثل زيت فول الصويا. تراجعت ASA بعدها.
أبحاث "أونغ" حول تموضع الحمض الدهني sn-2 دحضت مزاعم عدم صحة زيت النخيل، بينما ردود "بيك" الجريئة في المؤتمرات الدولية أرعبت المنافسين.
إذا كان ليم هو المخطط، فبيك هو المدافع الناري، وأونغ هو المحرك العلمي. ثلاثي لا يُنسى.
ما القنبلة الهيدروجينية؟ إنها إشارة إلى الدهون المتحولة الناتجة عن هدرجة الزيوت – وهي عملية لا يحتاجها زيت النخيل. ليم فهم هذا واستخدمه بذكاء.
قال مازحًا: "أنا طبيب حقيقي، تدربت في بلفاست... مع الجيش الجمهوري الأيرلندي!" ثم أطلق نكتته: "وأنا أملك قنبلة هيدروجينية في جيبي!"
وراء الفكاهة عقل لامع وفهم عميق. لم تكن مجرد كلمات، بل حقائق علمية مدعومة باستراتيجية وذكاء اجتماعي نادر.
كان ليم يطمح إلى معدل استخلاص زيت 25% وإنتاج 35 طنًا من الثمار الطازجة للهكتار – "رؤية 25:35" بحلول عام 2020، وهي أهداف لم تتحقق بعد.
كان يوبّخ المقصرين: "إذا لم تكن قادرًا على المنافسة، فاخرج!" لكنه كان يشجع الابتكار. قال مازحاً إنه يريد ثمرة نخيل "بحجم دوللي بارتون" – وكانت رسالة مشفرة لعلماء النبات لتخطي الحدود.
كان ليم مشهورًا بخطاباته القوية والعاطفية وغير المصفاة. لقبه البعض بـ "وزير المظلات" لأن المقاعد الأمامية كانت تحتاج لمظلات من حماسه في الخطاب.
عندما اقترح شاندرا انضمام MPOA إلى المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام (RSPO) عام 2004، رفع ليم حاجبه وقال:
"إذاً، تنوي النوم مع المنظمات غير الحكومية؟"
رد شاندرا: "نعم، لكننا نحلم بأحلام مختلفة."
ليم أجاب: "تذكّر، هذه رقبتك!" — ليم بأسلوبه المعتاد: ساخر، حذر، لكنه داعم.
لم يكن ليم مجرد وزير. بل كان صوت زيت النخيل وضميره وحاميه. قال أحد زملائه:
"تفوق على الجميع في قطاع الزراعة. بفضل عقله وشغفه، فهم زيت النخيل والمطاط بعمق وسرعة مذهلين."
كان يؤمن بأن الزراعة تدور حول الناس، لا فقط الإنتاج. ومن تعليقاته الشهيرة خلال نقاش عن الأجور:
"عندما تنطفئ المولدات وتظلم المزارع، أتساءل ماذا يفعل العمال؟... الغريب أن الليالي المظلمة دائمًا ما تنتهي بازدياد المواليد!"
وراء الفكاهة كان احترامٌ عميق للعمال الذين يحفظون هذا القطاع.
قد لا يكون الجيل الجديد سمع صوته، لكننا نحن الذين سمعناه، نعلم ما فقدناه، ونعرف ما يجب أن نحافظ عليه. إرثه ليس مجرد فصل من تاريخ زيت النخيل، بل خطة شجاعة ووضوح وإيمان.
ارقد بسلام، تون ليم كينج يايك (1939-2012). لقد أضأت الطريق. والآن، جاء دورنا لحمل الشعلة.
المصدر: The Edge Malaysia