رئيس قسم الزيوت والدهون بمعهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث.
تخيل أن بين يديك ذهباً… لكن ليس ذهباً معدنياً، بل ذهباً زيتياً أصفر اللون، يُزرع في أرض مصر، ويحمل في قطراته سرّ الصحة، وسلاح المستقبل الغذائي والصناعي. إنه زيت الكتّان الزيت الذي يجمع بين أصالة الزراعة، وعبقرية الكيمياء، واحتياجات السوق العالمية المتسارعة.
في زمن أصبحت فيه الأحماض الدهنية أوميجا-3 عنوانًا للصحة الوقائية، والزيوت النباتية الذكية محركًا لصناعات الأغذية والدواء ومستحضرات التجميل، يتقدم زيت الكتّان كفرصة استراتيجية لمصر زراعيًا، صناعيًا، وتصديريًا.
*زيت الكتّان ليس مجرد منتج… بل مشروع قومي: يحمل في تركيبته أعلى تركيز نباتي طبيعي من ALA (ألفا لينولينيك أسيد) ، أساس بناء الصحة الدماغية والقلبية.
- يُستخدم في عديد من المنتجات الغذائية، والمكملات الغذائية، والدهانات الطبيعية، والمستحضرات الصيدلانية.
- وتزرع مصر صنوفًا مميزة من الكتان، يمكن أن تتحول إلى روافد جديدة للاقتصاد الأخضر، وفرص تصديرية هائلة في أسواق أوروبا وآسيا.
إذا كنا نبحث عن منتج يحمل قيمة غذائية، واقتصادية، وصناعية في آنٍ واحد، فإن زيت الكتّان هو البوابة: بوابة إلى استثمار ذكي في المستقبل، وزراعة مستدامة، وصحة أفضل للعالم.
فهل آن الأوان أن نستثمر في الكنز الذي نملكه؟
رحلة الزيت الحار من التراث إلى مشروع قومي للصحة والصناعة، بعد أن تعرفنا على لماذا نُحيي زراعة وصناعة الكتان؟
يُعرف زيت الكتان في التراث المصري باسم "الزيت الحار". هذه التسمية لها أكثر من تفسير:
علميًا: بسبب غناه بالأحماض الدهنية غير المشبعة(خصوصا حمض اللينولينك او ما يعرف بأوميجا 3) التي تجعله سريع التأكسد فيعطي طعمًا لاذعًا يشبه "الحرارة".
زراعيًا: قد يختلط عند الحصاد مع نبات آخر يُسمى "الحارة"، ما يُضيف نكهة حارة مميزة.
لكن وراء هذا الاسم البسيط يختبئ منتج عالمي فريد يجمع بين التغذية والصحة والصناعة والاستثمار، ويُمثل فرصة استراتيجية لمصر والعالم العربي.
ما هي الأسماء المختلفة لزيت الكتان؟
بالعربية: الزيت الحار – زيت بذور الكتان – زيت الكتان.
• بالإنجليزية& Linseed oil – Flaxseed oil
يتميّز زيت الكتان (الزيت الحار) بشكلٍ أساسي بطريقة إنتاجه الفريدة، والتي تعتمد على الكبس أو العصر على البارد دون استخدام الحرارة أو المذيبات الكيميائية. هذه الطريقة الحذرة ضرورية للحفاظ على تركيبته الغذائية الثمينة، وخاصة محتواه العالي جداً والهش من أحماض أوميجا 3، والذي يتلف بسهولة عند التعرض للحرارة. نتيجة لذلك، تخضع عملية إنتاجه وتخزينه لمعايير صارمة؛ فهو يُعبأ في عبوات معتمة لمنع تأكسده بفعل الضوء، ويُخزن في مكان بارد. هذا يجعله مشابهاً للزيوت البكر عالية الجودة المعصورة على البارد من حيث كونه منتجاً متخصصاً، لا يُستخدم للقلي أو الطهي، بل يُضاف إلى الأطباق الباردة أو يُستهلك كمكمّل غذائي للحصول على فوائده الصحية، مما يحد من انتشاره في الأسواق التقليدية ويحصر وجوده في نطاق المنتجات الصحية المتخصصة.
الأحماض الدهنية:
🔑 النتيجة: زيت الكتان هو الأغنى بالأوميجا-3، ويتميز بنسبة مثالية أوميجا-6 : أوميجا-3.
في عالم التغذية، تُعد النسبة بين أوميجا 6 وأوميجا 3 بمثابة ميزان الصحة والالتهاب في الجسم. بينما تهدف النسبة المثالية إلى ألا تتجاوز 4:1 (أوميجا 6 إلى أوميجا 3)، يُظهر النظام الغذائي الحديث اختلالاً صارخاً قد يصل إلى 20:1 لصالح أوميجا 6 الالتهابي، بسبب الإفراط في الزيوت النباتية والأطعمة المصنعة. هنا يبرز زيت الكتان "الذهب السائل" كحل استثنائي، حيث ينقل المعادلة لصالح الصحة بنسبة مذهلة تبلغ 1:4 لصالح أوميجا 3، مما يجعله أقوى سلاح طبيعي لاستعادة التوازن، ومقاومة الالتهابات المزمنة، ودعم صحة القلب والدماغ بشكل فعّال.
المكونات الصغرى:
• يحافظ على صحة القلب (خفض الدهون الثلاثية وضغط الدم).
• يدعم وظائف الدماغ (التواصل العصبي والذاكرة).
• يعمل كمضاد للالتهابات (مفيد في الروماتويد والإكزيما).
• يقي من بعض أنواع السرطان بفضل الليجنانات والفينولات.
• غذائيًا: زيت بكر على البارد – مكملات غذائية – أطعمة وظيفية.
• صناعيًا: دهانات وورنيش – Linoleum – أحبار الطباعة – Bio-lubricants.
• تجميليًا: منتجات الشعر والبشرة – كريمات علاج الجلد.
لماذا لا ينتشر زيت الكتان في السوبر ماركت مثل الزيوت الأخرى؟
يرجع عدم انتشار بيع زيت الكتان(الزيت الحار) في السوبر ماركت بشكل واسع مثل الزيوت الأخرى لعدة أسباب رئيسية، أهمها عدم ملاءمته للطهي أو القلي بسبب احتوائه على نسبة عالية جدًا من أوميجا 3 (حوالى ٥٠ - ٦٠٪) التي تجعله سريع الأكسدة وتكوين مركبات ضارة عند تعرضه للحرارة، مما يحد من استخدامه الأساسي في الأطباق الباردة أو كمكمل غذائي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة إنتاجه وتخزينه (حيث يتطلب ظروفًا خاصة لمنع فساده) أعلى من الزيوت التقليدية، وقلة الطلب الجماعي عليه نتيجة نقص الوعي بفوائده مقارنة بزيوت أخرى مثل زيت الزيتون أو دوار الشمس، على الرغم من بدء ظهوره حديثًا في الأسواق كنوع من الزيوت المتخصصة مع زيادة اهتمام المستهلكين بالمنتجات الصحية الغنية بأوميجا 3.
• يحتوي على بروتين (30–35%) وألياف → علف ممتاز للحيوانات والدواجن.
• يمكن استخدامه كسماد عضوي أو وقود حيوي.
• كندا 🇨🇦 (الأولى عالميًا في إنتاج زيت الكتان الغذائي).
• روسيا 🇷🇺 (أكبر المنتجين للزيت والألياف).
• الصين والهند 🇨🇳🇮🇳 (إنتاج واسع للسوق المحلي والعالمي).
• أوروبا (فرنسا، ألمانيا) بأسواق غذائية متخصصة.
• مصر حاليًا: إنتاج محدود جدًا (< 20 ألف فدان، ~25 ألف طن).
• تاريخيًا: استخدم الفراعنة ألياف الكتان في الأقمشة وزيته في الطقوس الغذائية.
• صناعيًا: كان مصنع طنطا للكتان رمزًا لصناعة مصرية رائدة.
• حاليًا: انخفضت المساحات المزروعة والإنتاج بشدة.
• مستقبليًا:
o تعزيز الأمن الغذائي بتوفير أوميجا-3 محليًا.
o تقليل استيراد الزيوت والأعلاف.
o دعم الصناعات (دهانات، أحبار، ألياف).
o التصدير للأسواق العالمية (الخليج وأوروبا).
• التحديات: محدودية المساحات – ضعف الوعي – منافسة قوية – قِدم البنية الصناعية.
• الحلول:
1. التعاقد الزراعي مع المزارعين.
2. خطوط إنتاج مزدوجة (غذائي + صناعي).
3. تطوير الكسب كعلف بروتيني محلي.
4. التركيز على التصدير للأسواق المميزة.
5. تحديث المصانع وتطبيق معايير Codex.
• حجم السوق العالمي ~ 5 مليار دولار 2024.
•
🔑 الربحية تعتمد على إنتاج زيت عالي الجودة مع شهادات عالمية (Organic, GMP).
زيت الكتان أو "الزيت الحار" هو أكثر من مجرد زيت:
• مصدر غذائي فريد وصحي. منتج صناعي متعدد الاستخدامات. فرصة اقتصادية استراتيجية لمصر إذا أُعيد إحياء زراعته وصناعته.
زيت الكتان ليس مجرد منتج زراعي تقليدي، بل هو **فرصة استثمارية متكاملة** تجمع بين الزراعة والتصنيع والتغذية والصحة. فهو من ناحية يمثل **موردًا استراتيجيًا** لإنتاج أوميجا-3 النباتية في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي على البدائل الطبيعية والمستدامة، ومن ناحية أخرى يفتح الباب أمام **صناعات غذائية وصحية ووظيفية** عالية القيمة، بجانب استخداماته الصناعية التقليدية في الدهانات والأحبار واللينوليوم. ومع تعظيم الاستفادة من **الكسب البروتيني** كعلف محلي، يتحول المشروع إلى نموذج ناجح للاقتصاد الدائري.
بالنسبة لمصر، فإن إحياء زراعة وتصنيع الكتان يعنى **تقليل الاعتماد على الواردات، تعزيز الأمن الغذائي والعلفي، توفير فرص عمل، وزيادة القدرة التصديرية** في أسواق إقليمية وعالمية تبحث عن منتجات نظيفة وموثوقة. إنها فرصة لتتحول "قوة الكتان الغائبة" إلى **محرك تنموي واقتصادي وصحي** يضع مصر في موقع ريادي بين الدول المنتجة لهذا الذهب النباتي.