.png)

مدير الجودة والبحوث والتطوير شركة القاهرة لاستخلاص وتكرير الزيوت
يُعد جهاز الرنين المغناطيسي النووي منخفض الدقة (Low-Resolution NMR) حجر الزاوية في مختبرات الجودة بمصانع السمن والمارجرين وزيوت المقصرات (Shortening). تكمن أهميته في قدرته على قياس نسبة المواد الصلبة في الدهون (Solid Fat Content - SFC) خلال ثوانٍ معدودة؛ وهي خاصية فيزيائية تؤثر بشكل مباشر وحاسم على جودة المنتج النهائي من حيث:
ورغم سرعة ظهور النتائج، فإن المبدأ الفيزيائي الذي يعمل به الجهاز يتسم بشيء من التعقيد. في السطور التالية، نقدم شرحاً مبسطاً ودقيقاً لمكونات الجهاز وفكرة عمله.
يتكون جهاز الـ NMR المستخدم في هذا النوع من القياسات من أربع وحدات رئيسية تتكامل فيما بينها:
1. خاصية العزم المغناطيسي (Nuclear Spin)
يعتمد الجهاز على الفيزياء الخاصة ببعض الذرات. فالنوى التي تحتوي على عدد فردي من البروتونات (مثل الهيدروجين) تمتلك دوراناً نووياً (Spin)، وينتج عن هذا الدوران مجال مغناطيسي صغير يجعل النواة تتصرف كما لو كانت مغناطيساً دقيقاً.
ولأن ذرات الهيدروجين مكون أساسي في الكيمياء العضوية (والزيوت والدهون خاصة)، يعتمد الجهاز على بروتون الهيدروجين الذي يمتلك مجالاً مغناطيسياً واضحاً.
2. التوافق مع المجال المغناطيسي
عند إدخال العينة إلى الجهاز، تتعرض أنوية الهيدروجين (المغناطيسات الدقيقة) لمجال مغناطيسي قوي ($B$)، فتميل للانتظام في اتجاه موازٍ للمجال وتبدأ في الدوران حول محوره ($Z-axis$) بتردد محدد يُسمى "تردد لارمور" (Larmor frequency)، والذي يعتمد طردياً على شدة المجال المغناطيسي.
3. النبضة الراديوية والرنين
يطلق الجهاز نبضة راديوية قوية بتردد مساوٍ لتردد "لارمور"، بطاقة كافية لقلب المحصلة المغناطيسية للنوى بزاوية 90 درجة إلى المستوى ($XY$). هنا تدخل الأنوية في حالة "رنين"، وتصبح متزامنة في الطور (Phase Coherence)، فتدور جميع البروتونات في نفس الاتجاه واللحظة، مما يولد مجالاً مغناطيسياً متذبذباً يُحفّز تياراً كهربائياً في ملف الاستقبال.
4. التلاشي الحر (FID)
بمجرد توقف النبضة، تبدأ الأنوية في فقدان التزامن تدريجياً (Dephasing) وتعود لوضع التوازن بمحاذاة المجال الرئيسي. خلال هذه العودة، يتناقص التيار الكهربائي الناتج تدريجياً، وتُعرف هذه الإشارة باسم "الإشارة الحرة المتلاشية" (FID – Free Induction Decay).
يميز الجهاز بين الحالة الصلبة والسائلة بناءً على سرعة فقدان الإشارة (زمن الاسترخاء):
يستغل الجهاز هذا التباين الكبير في قيم ($T_2$) للفصل بين إشارات الجزء الصلب والسائل وحساب نسبة SFC بدقة.
حماية الجهاز:
عند إطلاق النبضة الراديوية عالية الطاقة، يتوقف الجهاز عن استقبال الإشارات لفترة قصيرة جدًا (لا تتجاوز عادة 10 ميكروثانية) تُعرف بـ "زمن الإخماد" (Dead Time). هذا التوقف ضروري لحماية دوائر الاستقبال الحساسة من التلف أو التشبع بالطاقة العالية.
تعويض الإشارة المفقودة:
خلال زمن الإخماد، تكون إشارة الدهون الصلبة قد بدأت بالتلاشي بالفعل (بسبب قصر زمن $T_2$)، مما يعني أن جزءاً كبيراً من بيانات "الصلب" يقع في المنطقة غير المقروءة.
لحل هذه المشكلة:
لضمان دقة النتائج، يعتمد التحليل على ركيزتين أساسيتين:
1. المعايرة (Calibration):
2. تجهيز العينة (Sample Preparation):
يجب تحضير العينة باحترافية لضمان تبلور الدهن في الشكل البلوري المستقر $\beta'$ (Beta-prime):
تنبيه: إذا لم تتم هذه العملية بدقة، قد تتكون بلورات $\alpha$ (منخفضة الانصهار) أو $\beta$ (عالية الانصهار) نتيجة ظاهرة تعدد الأشكال البلورية (Polymorphism)، مما يغير زمن الاسترخاء ($T_2$) ويعطي نتائج SFC غير دقيقة.