الحكومة المصرية تستهدف خفض فاتورة استيراد الزيوت إلى النصف بحلول 2030

زيت النخيل أصبح وقودا لسيارات السباقات
October 23, 2025

لمواجهة التحديات العالمية وارتفاع أسعار الزيوت، تنفذ الحكومة المصرية خطوات جادة لتعزيز الاكتفاء الذاتي وخفض الاعتماد على الاستيراد. تتبنى وزارتا التموين والزراعة خطة طموحة للوصول بنسبة الاكتفاء الذاتي من الزيوت إلى 50% بحلول عام 2030. تعتمد هذه الخطة على التوسع في زراعة المحاصيل الزيتية، وإنشاء مصانع حديثة، وإقامة شراكات قوية مع القطاع الخاص، مدعومة بحوافز استثمارية غير مسبوقة.

يشكل الاعتماد الكبير على استيراد زيت الطعام الخام، الذي يصل حاليًا إلى 96%، ضغطًا كبيرًا على ميزان المدفوعات المصري. وترجع نسبة الاكتفاء الذاتي المتدنية، البالغة 3% فقط، إلى محدودية المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية في البلاد.

تشمل الخطة الحكومية لزيادة الاكتفاء الذاتي التوسع في المحاصيل الاستراتيجية (مثل فول الصويا، وعباد الشمس، وزيوت النخيل، والكانولا)، مع تبني نظام الزراعة التعاقدية لضمان أسعار مجزية للفلاحين. كما تتضمن الخطة إقامة مجمعات صناعية للزيوت في مناطق استراتيجية (كبرج العرب، وسوهاج، ومدينة السادات) بالتعاون مع القطاع الخاص، باستثمارات تقدر بنحو 6 مليارات جنيه. علاوة على ذلك، سيتم تقديم حوافز ضريبية وائتمانية للمستثمرين في هذا القطاع لخفض تكاليف الإنتاج المحلي وجذب الاستثمارات. وتعمل وزارة التموين أيضًا على تأسيس شركات جديدة لزيادة حجم الإنتاج المحلي.

تسعى وزارة التموين لعقد شراكات مع القطاع الخاص، قد تصل حصته في بعض المشروعات إلى 70%، بهدف رفع كفاءة الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية. ويتم ذلك عبر إعادة إحياء علامات تجارية تاريخية مثل "أبو الهول" و"طنطا"، وتعزيز قدرتها التنافسية من خلال خطط لتحديث المصانع وزيادة طاقتها الإنتاجية لتصل إلى 2,400 طن يوميًا.

تراجع الواردات

بالتوازي مع هذه الجهود، كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن انخفاض ملحوظ في واردات مصر من زيت عباد الشمس، حيث تراجعت بنسبة 57% خلال النصف الأول من العام الحالي، مسجلة 198.4 مليون دولار مقارنة بـ 461.1 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

مبادرة التموين

في سياق مواجهة ارتفاع أسعار الزيوت في الأسواق، تعمل وزارة التموين عبر عدة مسارات، أبرزها إطلاق مبادرة بالتعاون مع القطاع الخاص لخفض الأسعار بنسب كبيرة، لضمان وصولها للمستهلكين بأسعار مقبولة. ويترافق هذا مع تكثيف الحملات الرقابية لضبط الغش التجاري.

وقد أطلقت الوزارة مبادرة لخفض الأسعار بنسبة 15% بالتعاون مع كبرى شركات الزيوت الخاصة، مع تطبيق فوري لهذه التخفيضات، وذلك ضمن توجيهات الدولة لضمان توفير منتجات غذائية آمنة وعالية الجودة.

وأوضحت الوزارة الشركات المشاركة ونسب الخفض:

  • خفضت شركة "ترأست" سعر عبوة الزيت الخليط (1 لتر) إلى 64 جنيهًا (بدلاً من 70)، وعبوة (700 مل) إلى 47 جنيهًا (بدلاً من 65).
  • أعلنت شركتا "ألفا مصر" و"المصرية لاستخلاص الزيوت" خفض سعر الزيت الخليط (1 لتر) ليصبح 63 جنيهًا (بدلاً من 76)، و(700 مل) بـ 48 جنيهًا (بدلاً من 60).
  • خفضت شركة "الإسكندرية لاستخلاص الزيوت" سعر عبوة الزيت الخليط (1 لتر) إلى 65 جنيهًا.
  • أعلنت "صافولا مصر" و"أرما" عن سعر 68 جنيهًا لعبوة (1 لتر) زيت خليط (بدلاً من 77)، و50 جنيهًا لعبوة (700 مل) (بدلاً من 57).
  • كما قررت "أرما" خفض سعر زيت "كريستال" دوار الشمس (1 لتر) إلى 90 جنيهًا (بدلاً من 103)، و(700 مل) إلى 65 جنيهًا (بدلاً من 73).

خطوات جادة

من جانبه، أكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الفترة المقبلة ستشهد تكثيفًا للحملات الرقابية على الأسواق ومصانع الزيوت، بالتوازي مع تعزيز التعاون مع القطاع الخاص لضمان الالتزام بالمواصفات وضبط المخالفات بحزم.

وشدد الوزير على ضرورة تكامل جهود جميع الأطراف (المنتجين، المستوردين، والمصنعين) بالتنسيق مع هيئة سلامة الغذاء والأجهزة الرقابية، لضمان وصول منتج آمن وعالي الجودة للمستهلك المصري ومحاربة الغش التجاري.

وأشار إلى أنه رغم استيراد مصر لأكثر من 95% من احتياجاتها، إلا أنها تمتلك خبرات قوية في خلط الزيوت، مما يتيح إضافة قيمة مضافة وتحقيق مكاسب. وأوضح أنه اجتمع بمنتجي الزيوت وتم الاتفاق على تثبيت الأسعار لعدم وجود مبرر للزيادة.

وأكد أن الدولة شرعت في خطوات فعلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي عبر التوسع في زراعة المحاصيل الزيتية بمشروعات كبرى مثل توشكى وشرق العوينات و"مستقبل مصر".

ميزة تنافسية

في المقابل، أوضح أيمن قرة، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، أن العجز في توفير الزيوت النباتية كبير جدًا، مما يرفع الاعتماد على الاستيراد. ويرى "قرة" أن تكاليف زراعة المحاصيل الزيتية (زراعة، حصاد، ري) في الخارج أقل منها في مصر، مشيرًا إلى أن مصر لا تمتلك ميزة تنافسية في هذه الزراعات بسبب محدودية المياه والأراضي.

وأضاف أن العائد على المزارع من محاصيل أخرى (كالقمح وقصب السكر) أفضل، خاصة أن الزراعة في الخارج تعتمد على مياه الأمطار والمساحات الشاسعة، وهو ما لا يتوفر في مصر، مما يجعل الاستيراد أقل تكلفة من الزراعة المحلية.

وتابع أن التوجه الحالي يجب أن يركز على زراعة منتجات ذات ميزة تنافسية، واستيراد المنتجات التي لا نتميز بها، بهدف تعظيم العائد من كل متر مكعب من المياه. ولفت إلى أن المفهوم الجديد للأمن الغذائي لا يشترط الاكتفاء الذاتي، بل يركز على تحقيق ميزان تجاري إيجابي (تصدير أكثر من الاستيراد).

وأشار قرة إلى أن مبادرة الدولة لخفض الأسعار ساهمت في انخفاضها بنحو 36% في السوق الحر، بجانب توفير الوزارة 70 مليون زجاجة زيت مدعمة شهريًا بسعر التكلفة، واصفًا سوق الزيوت بأنه قليل الربحية وعالي التنافسية. وحول تأثير التغيرات المناخية والحروب، أكد أن هذه العوامل تؤثر على "سعر" السلعة وليس على "وفرتها".


المصدر: الأهرام الإقتصادي

النشرة البريدية

تواصل معانا وتابعنا على منصات التواصل الإجتماعي

Tiktok logolinkedin logoinstagram logofacebook logoyoutube logoX logoEmail icon
.Copyright Zyotwdhon. All Rights Reserved ©