تسير باكستان بخطوات ثابتة نحو الاكتفاء الذاتي في زيت الزيتون، وتهدف إلى أن تصبح دولة مُصدّرة خلال السنوات الخمس إلى السبع المقبلة، وفق ما صرّح به الدكتور محمد طارق، المدير الوطني للمشروع بوزارة الأمن الغذائي والبحوث الوطنية ، يوم الجمعة.
وقال طارق إن باكستان تمتلك القدرة على أن تكون منافسًا عالميًا عبر سلسلة قيمة الزيتون، إذ تستورد حاليًا ما يزيد على ملياري روبية من زيت الزيتون سنويًا، وهو رقم تسعى الحكومة إلى خفضه بشكل كبير عبر الإنتاج المحلي.
ويقود طارق مشروع "الترويج لزراعة الزيتون على نطاق تجاري في باكستان" بالوزارة، موضحًا أن برنامج زراعة الزيتون الوطني غرس نحو 6.9 مليون شجرة زيتون عبر مبادرات وطنية وإقليمية في 60 منطقة، بمشاركة أكثر من 11,400 مزارع منذ إطلاقه عام 2014.
وبدعم من شراكات القطاعين العام والخاص والوكالات الدولية، واستراتيجية "من المزرعة إلى المائدة"، شمل المشروع إدارة حديثة للمشاتل وأنظمة ري مستدامة على مساحة 5,594 فدانًا.
كما تم تركيب 51 وحدة لاستخلاص الزيت على مستوى البلاد بواسطة مؤسسات وطنية وإقليمية ودولية، إضافةً إلى دعم البنية التحتية بعد الحصاد مثل مرافق تجهيز الثمار ومحطات الطقس ومختبرات فحص الجودة.
وكانت قفزة كبيرة قد تحققت في عام 2022، عندما تحولت باكستان من استيراد الشتلات من دول البحر المتوسط إلى الإكثار المحلي، ما خفّض من اعتمادها على الخارج وعزّز قدراتها المحلية. ومنذ ذلك الحين، نُظّمت أكثر من 238 برنامجًا تدريبيًا استفاد منها أكثر من 16,000 مشارك، اكتسبوا مهارات في إدارة البساتين واستخلاص الزيت وبناء القدرات.
وأشار طارق إلى أن هذه الجهود بدأت تؤتي ثمارها، إذ حازت زيوت الزيتون الباكستانية على تقدير دولي. فقد حصل زيت "LO-Loralai Olives" المنتج في بلوشستان على جائزة فضية في مسابقة نيويورك العالمية لزيت الزيتون 2025، وهي واحدة من أكثر المسابقات المرموقة في القطاع.
كما حصلت باكستان على صفة مراقب في المجلس الدولي للزيتون، ما يمهّد الطريق لمزيد من الاندماج في صناعة الزيتون العالمية.
وأضاف طارق أن سوق زيت الزيتون العالمي، الذي بلغت قيمته 15.2 مليار دولار عام 2024، من المتوقع أن يتجاوز 18 مليار دولار بحلول 2027، مدفوعًا بارتفاع الوعي الصحي والانتشار المتزايد للحمية المتوسطية. ويرى أن تزايد الطلب على الأغذية العضوية والوظيفية يشكّل فرصة مناسبة لدول ناشئة مثل باكستان لتوسيع حضورها في السوق الدولية.
ووصف طارق ما سماه "ثورة الزيتون" في باكستان بأنها تحوّل الأراضي القاحلة إلى بساتين ذهبية — من مرتفعات بلوشستان الوعرة إلى سهول البنجاب الخصبة. وقال: "الأراضي غير المستغلة أصبحت الآن نظامًا زراعيًا منتجًا يدعم آلاف سبل العيش."
ومع وجود أكثر من أربعة ملايين هكتار صالحة لزراعة الزيتون، تشير التوقعات طويلة الأجل إلى أن القطاع يمكن أن يساهم بنحو 7.6 مليار روبية سنويًا في الاقتصاد الوطني. كما تتوقع النماذج الاقتصادية خفض واردات زيت الزيتون بنسبة 50% وزيادة ملحوظة في الصادرات بين 2019 و2023.
وأكد أن السياسة الوطنية للزيتون وخطة العمل قيد المراجعة حاليًا لتأطير هذا التقدم، مشيرًا إلى أن قطاع الزيتون شهد نموًا رياديًا ملحوظًا من قلة من المشاريع إلى أكثر من 85 شركة ناشئة في جميع أنحاء البلاد.
وتنتج هذه المشاريع زيت الزيتون البكر الممتاز والمخللات والمربى ومستحضرات التجميل والصابون والمكملات الغذائية، ما يساهم في خلق فرص عمل ريفية، وتنويع الأعمال الزراعية، وزيادة وعي المستهلكين الصحي.
كما أشار طارق إلى أن هناك إمكانات غير مستغلة في ائتمانات الكربون وزيت الجفت ومشتقات الزيتون الأخرى، ما يمكن أن يعزز ربحية المزارعين بشكل أكبر.
وختم بالتأكيد على الفوائد البيئية والصحية، موضحًا أن أشجار الزيتون تساهم في احتجاز الكربون وتعزيز القدرة على مواجهة التغير المناخي، في حين أن زيادة استهلاك زيت الزيتون يمكن أن تساعد على خفض تكاليف الرعاية الصحية العامة.
المصدر: APP