تدرس ماليزيا، ثاني أكبر منتج لزيت النخيل في العالم، زيادة نسبة زيت النخيل المستخدم في الوقود الحيوي، في خطوة تحاكي سياسات إندونيسيا، أكبر منتج عالمي، بحسب مصادر في القطاع نقلًا عن صحيفة The Hindu Businessline.
في الوقت الحالي، تشترط ماليزيا خلط 10% من زيت النخيل (B10) في وقود النقل، و20% (B20) للاستخدام الصناعي. في المقابل، تتبع إندونيسيا سياسة أكثر طموحًا بفرض نسبة خلط تصل إلى 40% في وقود الديزل الحيوي.
كما تقوم ماليزيا بتكثيف أبحاثها لتطوير وقود طيران مستدام مشتق من زيت النخيل، إضافة إلى أنواع الوقود الحيوي المتقدمة، وذلك تماشيًا مع أهدافها المناخية وسعيها لتنويع أسواق زيت النخيل. ويرى متخصصون في القطاع أن ارتفاع أسعار النفط الخام نتيجة التوترات السياسية العالمية يعزز الاهتمام بالوقود الحيوي كمصدر بديل للطاقة، ما قد يرفع الطلب على الوقود الحيوي المعتمد على زيت النخيل في مناطق مثل جنوب شرق آسيا والهند وغرب آسيا، سواء في قطاع النقل أو الصناعة.
لكن هذا التوجه لزيادة الطلب على الوقود الحيوي يأتي في وقت يواجه فيه العالم تحديات متعلقة بأمن الغذاء، ما يضيف تعقيدًا للمشهد العالمي.
وتتماشى خطوات ماليزيا مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة، التي اقترحت مؤخرًا السماح للمصافي بخلط كميات قياسية من الوقود الحيوي في البنزين والديزل خلال العام المقبل. كما قررت البرازيل رفع نسبة خلط الديزل الحيوي من 14% إلى 15% اعتبارًا من 1 أغسطس.
رغم ذلك، فقد تم رصد تراجع في أسعار الزيوت النباتية نتيجة ضعف الطلب الفوري من مشترين رئيسيين مثل الهند، التي من المتوقع أن تخفّض وارداتها من زيت الصويا.
كما ظهرت مخاوف من حدوث فائض في المعروض العالمي نتيجة زيادة المخزونات والإنتاج من زيت النخيل. وقد أغلق سعر زيت النخيل يوم الخميس عند 4,020 رينجيت ماليزي (951 دولارًا للطن)، منخفضًا عن ذروته الأسبوع الماضي التي تأثرت بتصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل وارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة تقارب 20%.
رغم أن خليط B20 يُستخدم حاليًا في مناطق محددة فقط داخل ماليزيا، فقد أشارت وزارة الصناعات الزراعية والسلعية في فبراير 2025 إلى أن تنفيذ البرنامج على نطاق وطني يتطلب تمويلًا كبيرًا لتحسين البنية التحتية. ويأمل القطاع في الحصول على دعم حكومي، إلا أنه لا توجد خطط حالية لتوفير هذا الدعم.
وكانت ماليزيا قد أطلقت برنامج الوقود الحيوي الوطني في 2019، وفرضت حينها خلط B10 في قطاع النقل وB7 في قطاع التصنيع. لكن تنفيذ برنامج B20 ما زال محدودًا في مناطق مثل لابوان ولنكاوي وأجزاء من ساراواك في شرق ماليزيا.
وتُصدر ماليزيا معظم إنتاجها من الوقود الحيوي إلى الاتحاد الأوروبي (الذي يمثل أكثر من 80% من صادراتها)، والصين، وسنغافورة، بحسب رابطة الوقود الحيوي الماليزية.
وبينما يبدي بعض العاملين في القطاع تفاؤلًا بمستقبل الوقود الحيوي والشراكات مع الشركات الخاصة، فإن آخرين يتعاملون بحذر بسبب تقلبات الأسعار. فعلى سبيل المثال، أدى تطبيق إندونيسيا الإجباري لبرنامج B40 إلى تقليص الإمدادات العالمية، مما جعل زيت النخيل أغلى من الزيوت المنافسة مثل زيت الصويا.
ونتيجة لذلك، تراجعت حصة زيت النخيل من إجمالي واردات الهند من الزيوت النباتية إلى 43% خلال أول سبعة أشهر من موسم 2024/2025، مقابل 58% في العام السابق. إلا أن قادة صناعة زيت النخيل في ماليزيا يرون هذا التراجع كاتجاه مؤقت سببه السياسات المحلية في الهند، التي تدعم التوسع في زراعة البذور الزيتية وتنويع مصادر الزيوت.
ومن المتوقع أن يشهد إنتاج زيت النخيل الماليزي زيادة معتدلة في عامي 2025 و2026، مدعومًا بتحسن الطقس، وإعادة زراعة المحاصيل بأنواع أكثر إنتاجية، ورفع كفاءة الحصاد من خلال استخدام الآلات والتقنيات المتقدمة. ومع ذلك، قد تحدّ تحديات مثل نقص العمالة والتقلبات المناخية وبطء تبني التكنولوجيا الحديثة من تحقيق هذه المكاسب.
وقال مصدر صناعي: "نتوقع أن تظل الأسعار قوية نسبيًا حتى عام 2026 بسبب التوترات السياسية العالمية التي تؤثر على سلاسل إمداد الزيوت النباتية، وتقلبات أسعار الزيوت المنافسة مثل زيت الصويا وعباد الشمس، وتحركات أسعار العملات، والسياسات المتعلقة بالوقود الحيوي."
لكن المصدر حذر من أن الطلب من الدول المستوردة الكبرى قد يشهد تقلبات على المدى القصير، ما يؤدي إلى تذبذب في الأسعار. فإنتاج زيت النخيل حساس بشكل خاص للطقس وتوفر الأيدي العاملة، مما يجعله عرضة للتقلبات السعرية المتكررة.