.png)

في ظل حالة عدم اليقين التي تخيم على أسعار زيت الزيتون في الأردن بسبب شح الموسم، أعلنت وزارة الزراعة أنها لا تتدخل في تحديد أسعار الزيت، لكنها ستفتح قريباً باب الاستيراد لتلبية الطلب وتخفيف الأعباء عن المستهلكين جراء ارتفاع الأسعار.
من جانبهم، يؤكد الخبراء الزراعيون أن تحقيق الاستقرار في سوق زيت الزيتون يتطلب توازناً دقيقاً بين القدرة الشرائية للمستهلك وحماية المنتج المحلي. ويرون أن هذا التوازن لا يتحقق بمجرد فتح باب الاستيراد، بل يستدعي سياسة سوق شاملة تشمل إدارة العرض، وتنظيم التسويق، وتوفير مخزون احتياطي منظم، بالإضافة إلى تدخل حكومي مؤقت عند الضرورة.
وفي تفاصيل الموضوع، أكد أسامة قطان، مدير مديرية الزيتون بوزارة الزراعة، أن الوزارة لا تتدخل في تسعيرة زيت الزيتون. وأشار إلى أن نقابة أصحاب المعاصر ومنتجي الزيتون كانت قد حددت سعراً استرشادياً لتنكة الزيت (110 إلى 120 ديناراً) قبل بدء موسم العصر.
وأضاف قطان أن الوزارة ستعمل في الأيام القادمة على فتح باب الاستيراد بهدف إحداث توازن في السوق المحلية من حيث الأسعار وتوفير زيت الزيتون بجودة عالية وبسعر يناسب المواطنين. وأوضح أن الاستيراد سيتم من الدول الأعضاء في مجلس الزيتون الدولي، المعروفة بجودتها وأسعارها التنافسية عالمياً. وأكد أن الأسعار بعد الاستيراد ستكون أقل من الأسعار الحالية.
كما ذكر قطان أن متوسط إنتاج الأردن من زيت الزيتون خلال السنوات الست الماضية بلغ حوالي 28 ألف طن، بينما يقدر الاستهلاك بنحو 25 ألف طن. وتوقع أن يتراوح إنتاج الموسم الحالي بين 18 و20 ألف طن. وفيما يتعلق باستيراد ثمار الزيتون، كشف قطان أن الوزارة تدرس هذا القرار وستعلن عنه قريباً.
من جانبهم، شدد الخبراء الزراعيون لـ"الغد" على أن الموسم الحالي يجب أن يكون نقطة انطلاق لوضع خطط واستراتيجيات للتكيف مع التغيرات المناخية. وأكدوا أن الزيت سلعة أساسية تتطلب الاستيراد لتغطية احتياجات السوق وكسر الاحتكار، مع التأكيد على ضرورة الاستيراد من مصادر موثوقة.
في السياق ذاته، أشار خليل عمرو، مساعد الأمين العام للتسويق في وزارة الزراعة، إلى أن الوزارة تعمل على إعداد أسس منح رخص استيراد الزيت. وفيما أكد مصدر مطلع لـ"الغد" أنه تم بالفعل منح رخص للمؤسستين المدنية والعسكرية لاستيراد حوالي 5 آلاف طن لكل منهما من تونس، متوقعاً وصول الكميات نهاية الأسبوع الحالي.
وفيما يتعلق باستيراد الثمار، أكد حسين البشارات، أمين سر نقابة أصحاب المعاصر السابق، أن الخيار الأمثل للحفاظ على استقرار سوق زيت الزيتون لهذا العام هو دراسة فتح باب استيراد ثمار الزيتون، خاصة مع الانخفاض الكبير في نسب الأحمال على الأشجار هذا الموسم. وأشار البشارات إلى أن هذا التراجع الكبير في الإنتاج أدى إلى إغلاق معظم المعاصر أو عملها لساعات محدودة جداً.
من جانبه، أوضح وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري أن التوازن بين القدرة الشرائية للمستهلك وحماية المنتج المحلي لا يتحقق بالاستيراد وحده، بل بسياسة سوق متكاملة تتضمن إدارة العرض، وتنظيم التسويق، والتخزين الاحتياطي، والتدخل الحكومي المؤقت. وأضاف المصري أن الاستيراد يجب أن يكون الملاذ الأخير، ويُطبق ضمن ضوابط كمية وزمنية دقيقة لحماية هذا القطاع الاستراتيجي الذي يمثل جزءاً من الهوية الغذائية والوطنية للأردن.
بدوره، رأى المهندس محمود العوران، مدير عام اتحاد المزارعين، أن الموسم الحالي يجب أن يكون بداية لوضع خطط واستراتيجيات للتأقلم مع التغيرات المناخية، مؤكداً أن الزيت سلعة استراتيجية في الأردن. وقال إنه في ظل شح الموسم وانخفاض الكميات المتوقعة من الزيت، وظهور "تجار الأزمات"، أصبح الاستيراد ضرورة لتغطية احتياجات السوق وكسر الاحتكار، شريطة أن يتم من مصادر موثوقة. لكنه دعا إلى تجنب القرارات المتسرعة (أسلوب "الفزعة")، مؤكداً وجود وقت كافٍ لوضع آلية منظمة للاستيراد وتحديد الجهات المسؤولة.
يذكر أن وزارة الزراعة كانت قد عقدت اجتماعاً تشاورياً سابقاً لمتابعة أسعار زيت الزيتون ودراسة الإنتاج للموسم الحالي، في ظل التحديات وارتفاع الأسعار، ومناقشة الخيارات المتاحة لضمان استقرار السوق وحماية مصالح كل من المزارع والمستهلك.
المصدر: الغد