اتخذت اليابان خطوة كبيرة نحو تعزيز الاستدامة في قطاع النقل البحري، من خلال تشغيل سفينة ساحلية باستخدام وقود حيوي مشتق من زيت الطهي المستخدم، وهو أول استخدام من نوعه لهذا الوقود في السفن البحرية.
يمثل هذا المشروع المبتكر إنجازًا مهمًا في التزام اليابان بإيجاد بدائل وقود صديقة للبيئة لصناعة الشحن البحري. ويتكون الوقود المستخدم من مزيج من زيت الطهي المستعمل المستخرج من زيوت ودهون نباتية يابانية، ممزوجًا بزيت الوقود الثقيل. وعلى عكس الوقودات الحيوية التقليدية التي تخضع لمعالجات كيميائية مثل التحويل إلى ميثيل إستر أو الهدرجة، فقد استُخدم هذا الوقود دون أية معالجات كيميائية، مما يجعله خيارًا أكثر استدامة واقتصادية للقطاع البحري.
وقد تضمن هذا الوقود مزيجًا من الزيت النباتي الخام بنسبة 24% مع زيت ثقيل، وتم اختباره على سفينة ساحلية أبحرت بين خليج ميكاوا وخليج طوكيو لمدة شهر تقريبًا. وخلال هذه الفترة، عملت السفينة بسلاسة دون تسجيل أية مشكلات في الأداء أو الاشتعال، مما يُبرز الإمكانات الكبيرة لاستخدام الزيوت النباتية الخام في حالتها الأولية، بدون تعديلات كيميائية، وهو ما قد يؤدي إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أكثر من الوقودات الحيوية المعالجة.
يندرج هذا المشروع ضمن برنامج أوسع يهدف إلى استكشاف تطبيقات الوقود البديل في القطاع البحري الياباني، وتم تنفيذه بالتعاون بين عدة جهات رئيسية، منها شركة Hanwa Co. Ltd. كمورد للوقود الحيوي، وشركة Tokyo Steel Manufacturing Co. Ltd. المسؤولة عن الشحن. ويُظهر نجاح هذا الاختبار أن اليابان تسير في الاتجاه الصحيح نحو تقليل البصمة الكربونية لعملياتها البحرية، لا سيما بالنسبة للسفن الساحلية الصغيرة التي لا تمتلك المساحة أو البنية التحتية اللازمة لتخزين الوقودات البديلة المعقدة مثل الهيدروجين أو الأمونيا.
من أبرز مزايا هذا الوقود الحيوي قدرته على العمل في السفن الحالية دون الحاجة إلى تعديل كبير في المحركات أو الأنظمة الأساسية الأخرى، مما يجعله خيارًا عمليًا وصديقًا للبيئة، وقابلاً للدمج بسهولة في البنية التحتية الموجودة حاليًا. كما أن تكلفته المنخفضة نسبيًا، إلى جانب فوائده البيئية، تجعله مرشحًا قويًا للتوسع في استخدامه على نطاق أوسع في قطاع النقل البحري.
ويتوافق هذا التوجه مع الأهداف البيئية الأوسع لليابان، خاصة كما ورد في تحديث رؤية MOL البيئية "MOL Environmental Vision 2.2" الصادر في أبريل 2023، والتي تركز على تقليل الانبعاثات الكربونية والتحول إلى مصادر طاقة أنظف في الصناعة البحرية، مع إيلاء اهتمام خاص بالسفن الصغيرة التي لا تتحمل الأنظمة المعقدة اللازمة للوقودات البديلة الأخرى.
يأتي هذا المشروع الرائد بعد تجربة ناجحة سابقة في يونيو تضمنت استخدام وقود غاز الميثان الحيوي المسال، مما يعزز التزام اليابان بتطوير حلول مستدامة لقطاعها البحري. وتلعب الصناعة البحرية اليابانية دورًا قياديًا عالميًا في جهود إزالة الكربون من النقل البحري، حيث يواصل مجموعة MOL دعم هذه المبادرات من خلال الاستثمار في البحث والتطوير للوقودات البديلة مثل الوقود الحيوي.
ويمثل هذا المشروع نموذجًا ناجحًا لكيفية مساهمة الحلول المبتكرة في التخفيف من الأثر البيئي للشحن البحري العالمي، وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ودعم مستقبل أكثر استدامة للنقل البحري.
تُعد مشاركة اليابان النشطة في هذه المبادرات ضرورية ليس فقط لتقليل بصمتها الكربونية، بل أيضًا لإثبات للعالم أن الوقودات الحيوية وغيرها من مصادر الطاقة البديلة يمكن أن تكون حلولًا عملية واقتصادية للنقل البحري. ويُعد نجاح تجربة السفينة الساحلية التي تعمل بوقود حيوي مشتق من زيت الطهي المستخدم خطوة كبرى نحو تحقيق أهداف الاستدامة، مما يُبرهن على أن مستقبل الطاقة البديلة في الصناعة البحرية ليس ممكنًا فحسب، بل واقعي وقابل للتطبيق أيضًا.
