تشهد صناعة زيت النخيل في إندونيسيا حالة من التأهب القصوى، مع تصاعد حرائق الغابات والأراضي الخثية في جزيرة سومطرة، مما يشكل تهديدًا للمزارع الرئيسية ويثير مخاوف من اضطرابات محتملة في الإنتاج خلال ذروة موسم الحصاد.
وأفادت مجموعة "أبريل" APRIL، إحدى أكبر شركات اللب والورق العاملة في إقليم رياو، لصحيفة The Business Times بأنها لا تزال تعمل بكامل طاقتها مع رفع مستويات اليقظة.
وقال "كريغ تريبوليه"، نائب مدير الاستدامة في المجموعة:
"في الأسابيع القادمة، تظل فرق الاستجابة للحرائق لدينا في حالة تأهب قصوى. نواصل التنسيق الوثيق مع المجتمعات المحلية والسلطات الحكومية لمنع اندلاع الحرائق وحماية مزارعنا والمناطق المحمية والقرى المحيطة."
وأشار تريبوليه إلى أن المجموعة تتبع سياسة "عدم الحرق" منذ عام 1993، وتتبنى استراتيجية لإدارة الحرائق تركز على المنع والاستعداد والمكافحة والتعافي.
وقد أعلنت مقاطعة رياو – وهي من أكبر مناطق إنتاج زيت النخيل في إندونيسيا – حالة الطوارئ مع استمرار الحرائق في الانتشار في عدة مناطق.
ورغم تفاقم الوضع، أكدت جمعية زيت النخيل الإندونيسية (GAPKI) أن مزارع أعضائها في رياو لم تتأثر حتى الآن. وأوضح رئيس الجمعية "إدي مارتونو" أن الشركات في حالة تأهب منذ أشهر، استعدادًا لموسم الجفاف.
وقال مارتونو:
"قبل كل موسم جاف، نرسل تذكيرات رسمية لجميع الأعضاء عبر خطابات رسمية."
وأضاف أن الحرائق الحالية لا تقع في أراضٍ تدار من قبل الشركات، لكنه حذر من أن المخاطر لا تزال مرتفعة، خاصة مع تدهور الأحوال الجوية.
في يوم الثلاثاء 22 يوليو، أفادت الوكالة الوطنية للتخفيف من الكوارث أن عدد نقاط الحرارة في رياو ارتفع من 392 إلى 583، مما تسبب في احتراق نحو 50 هكتارًا في منطقتي "روكان هولو" و"روكان هيلير".
كما استمر الضباب الكثيف في تغطية عدة مناطق في رياو، رغم أن الدخان الخانق لم يصل بعد إلى العاصمة الإقليمية "بيكانبارو"، بحسب رئيس شرطة الإقليم.
ومن المتوقع أن تستمر الأجواء الجافة حتى نهاية الأسبوع، قبل وصول طقس أكثر رطوبة قد يساعد في تخفيف حدة الضباب والدخان. وقد أرسلت الوكالة طائرات مروحية للقيام بدوريات جوية وعمليات إطفاء جوية حتى 25 يوليو.
وفي الوقت ذاته، أصدرت وكالة الأرصاد الجوية والمناخ والجيوفيزياء الإندونيسية تحذيرًا بدخول المنطقة مرحلة من الحرارة الشديدة، مما يزيد من خطر اندلاع حرائق خلال الأسابيع القادمة.
ويرى محللون أن الوضع، رغم أنه لا يزال تحت السيطرة، قد يؤثر على الإنتاج على المدى القصير إذا امتدت الحرائق إلى مناطق المزارع أو تسببت في تباطؤ العمليات.
وقال "ماثيو بيغين"، محلل السلع في وحدة BMI التابعة لـ Fitch Solutions:
"رفع حالة التأهب إلى الطوارئ في رياو، إلى جانب التحذيرات من موسم حرارة شديد، يشكل خطرًا واضحًا على قطاع زيت النخيل الإندونيسي."
وأضاف:
"يُعد شهر يوليو مهمًا للغاية لأنه يتزامن مع ذروة الحصاد، وأي اضطراب في هذه الفترة بسبب الحرائق أو الحرارة قد يكون له تأثير كبير على الإنتاج والعرض."
وأوضح بيغين أن الحرائق والضباب قد تعيق عمليات الحصاد والنقل، مما يؤدي إلى شح في الإمدادات على المدى القريب، إلا أن استقرار الإنتاج في ماليزيا قد يساهم في تخفيف التأثير على السوق العالمي.
وتابع قائلاً:
"رغم أن هذه التطورات تدعم أسعار زيت النخيل، إلا أننا لا نتوقع ارتفاعًا حادًا في الأسعار في الوقت الراهن."
"حتى الآن، نُبقي على توقعات الأسعار والإنتاج، لكن في حال تفاقم الحرائق، قد نضطر إلى خفض توقعات الإنتاج."
وتتوقع BMI أن يصل الإنتاج العالمي من زيت النخيل في موسم 2025/2026 إلى 80.6 مليون طن، بزيادة 2.4% على أساس سنوي، بدعم من ارتفاع بنسبة 0.5% في ماليزيا و3.3% في إندونيسيا.
وقد بدأت آثار الحرائق تمتد خارج حدود إندونيسيا. فرغم أن سنغافورة لم تشهد بعد انتقال الضباب عبر الحدود، إلا أن وكالة البيئة الوطنية (NEA) أكدت أنها تراقب الوضع عن كثب.
أما في مدينة "مالاكا" على الساحل الغربي لماليزيا، فقد أفاد صاحب أحد المطاعم، روجر سونغ، بأن الضباب بدأ ينجرف نحو المنطقة، وقال:
"أشعر برائحة الحريق في الخارج. لقد قمنا بتركيب المزيد من أجهزة تنقية الهواء لمواجهة الوضع. في السنوات الماضية، أثر الضباب على حركة الزبائن، ولم يحدث ذلك بعد هذا العام، لكننا نتابع الوضع عن كثب."
وفي سنغافورة، قال "فيليب جان"، مؤسس وكالة السفر "سينغاتور"، إنه لم يسجل أي إلغاءات للرحلات حتى الآن، لكنه حذر من أن تدهور الضباب قد يؤثر على السياحة الإقليمية إذا ساءت الظروف.
تُعد حرائق الأراضي ظاهرة متكررة في إندونيسيا، خاصة في سومطرة وكاليمانتان، ويرجع ذلك غالبًا إلى استمرار استخدام الحرق كوسيلة لتطهير الأراضي، رغم أنه محظور قانونيًا ومضر بالبيئة.
وبحسب قوة تنفيذ القانون في إندونيسيا، تم تسجيل 35 حالة حريق غابات وأراضٍ في رياو حتى عام 2025، وقد تم توجيه الاتهام إلى 44 شخصًا على خلفية هذه الحوادث.