لماذا تتزايد حالات غش زيت الزيتون وهل يمكن إيقاف هذا الاتجاه الخطير؟
تشهد حالات الاحتيال الغذائي ارتفاعاً على مستوى العالم، حيث أظهر تقرير "مؤشر ضعف الغذاء أمام الغش لعام 2025" زيادة ملحوظة في الأنشطة الإجرامية عبر مختلف القطاعات.
لكن في حين أن بعض المنتجات ظلت بمنأى عن هذا الاهتمام الإجرامي، أصبحت منتجات أخرى – وعلى رأسها زيت الزيتون – أهدافاً رئيسية.
تواصل حالات غش زيت الزيتون الارتفاع، مع ورود عدة تقارير خلال العام الماضي فقط. ومؤخراً، أعلنت السلطات البرتغالية عن مصادرتها لأكثر من 16,000 لتر من زيوت الطهي تم ترويجها زوراً على أنها زيت زيتون، إلى جانب 82,000 ملصق مزور.
كما أكدت الشرطة الإيطالية أنها فككت شبكة إجرامية كانت تخلط زيوتاً رديئة الجودة بمواد كيميائية وتبيعها على أنها زيت زيتون بكر ممتاز، مما يعرض سلامة المستهلكين للخطر ويقوض أنظمة الحماية مثل PDO (التسمية المحمية للأصل) وPGI (المؤشر الجغرافي المحمي).
وفي تحقيق مشترك بين يوروبول و29 دولة أوروبية استهدف الأطعمة والمشروبات المزيفة أو دون المستوى، تم تفكيك 11 شبكة إجرامية، وإصدار 104 مذكرة توقيف، وتحديد 278 شخصاً للإبلاغ عنهم للسلطات القضائية. وشملت نتائج القضية، المعروفة باسم العملية OPSON XIII، حالات من غش زيت الزيتون، وتونة مزيفة، وأطعمة منتهية الصلاحية بتواريخ مزورة.
الارتفاع الحاد في أسعار زيت الزيتون جعله هدفاً جذاباً للمحتالين، مما أدى إلى زيادة في الحالات على مستوى أوروبا والعالم.
يقول أرسين خاتشاتوريانتس، الرئيس التنفيذي لشركة Arsenio:
"يمكنك بيع زجاجة نصف لتر من زيت الزيتون بما يتراوح بين 20 و70 يورو. المحتالون يرون في هذا فرصة، فبمجرد وضع ملصق (زيت زيتون) أو (زيت زيتون بكر ممتاز)، يمكنهم جني أرباح طائلة."
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال من الصعب اكتشاف غش زيت الزيتون.
تقول لورينا نيلكين، رئيسة أبحاث الصحة في WellnessPulse:
"أصبحت طرق غش الأغذية أكثر تعقيداً، وبعضها يغير تركيبة المنتج على المستوى الجزيئي، ما يجعل اكتشافه يتطلب تقنيات باهظة الثمن أو حتى غير متوفرة حالياً."
وحتى أبسط أشكال الغش قد تمر دون أن يلاحظها المستهلكون، إذا كان المنتج يبدو طبيعياً. فعلى سبيل المثال، يمكن تلوين الزيوت الشفافة مثل زيوت البذور بالكلوروفيل (لللون الأخضر) والكاروتينات (للأصفر) لتبدو مثل زيت الزيتون.
كما تنفذ العصابات الإجرامية عملياتها من خلال مخططات منسقة بعناية وشبكات متعاونة، مما يساعدها على الإفلات من الملاحقة.
تتزايد المخاوف بشأن المخاطر الصحية المحتملة لزيوت الزيتون المغشوشة، خصوصاً مع إضافة مواد كيميائية لتعديل الطعم واللون.
يعلق المقدم ميكيلي أفانيالي، قائد مجموعة حماية الصحة في الشرطة الإيطالية (NAS) بنابولي:
"عندما نتحدث عن الغش الغذائي، نحن لا نتحدث فقط عن مخاطر، بل عن أضرار ملموسة."
"الغش الغذائي تهديد خطير للصحة العامة. فالمجرمون يسعون إلى خداع المستهلكين بمنتجات لا تطابق ما هو مذكور على الملصق."
الخبر السار هو أن قطاع زيت الزيتون، بالتعاون مع جهات إنفاذ القانون، يبذل جهوداً كبيرة لمكافحة الغش.
ففي عام 2022، أدخل الاتحاد الأوروبي قواعد جديدة لفحص توافق زيت الزيتون، بالإضافة إلى طرق تحليله.
يُطلب من كل دولة عضو إجراء عدد أدنى من الفحوصات سنوياً تشمل التحقق من الملصقات وتصنيف الفئة. ويعتمد هذا العدد على بيانات الاستهلاك والتصدير. وتعد فئة "زيت الزيتون البكر الممتاز" الأكثر خضوعاً للفحص لأنها تمثل النسبة الأكبر من المبيعات في متاجر التجزئة الأوروبية.
يضيف خاتشاتوريانتس:
"في أوروبا، هناك بيروقراطية كبيرة للحصول على مكان على رفوف المتاجر. يجب على الموردين الإفصاح عن بلد المنشأ، وموقع الشركة، وأين تم حصاد وعصر الزيتون."
لكن دخول زيت زيتون مغشوش إلى السوق يثبت أن النظام لا يزال بعيداً عن التأمين الكامل، وهناك حاجة لمزيد من الإجراءات.
ويختتم قائلاً:
"الأمر لا يقتصر على الملصقات. إنه خطر متزايد على الصحة العامة، ومصدر ربح ضخم للإجرام المنظم، وإشارة إنذار لسلسلة التوريد العالمية.
ومع بلوغ أسعار زيت الزيتون مستويات قياسية وانخفاض المعروض إلى أدنى مستوى خلال عقد، فإن هذا النوع من الغش سيزداد سوءاً."
المصدر: foodnavigator.