.png)

تراجعت كبرى شركات زيت الطعام عن مشاركتها في مبادرة رئيس الوزراء الهادفة لخفض أسعار السلع الغذائية، وعادت لبيع منتجاتها بالأسعار المعتادة (المرتفعة). وكانت هذه المبادرة، التي انطلقت في يوليو الماضي، قد نجحت في تخفيض الأسعار بحوالي 15%.
ووفقاً للقوائم السعرية المُرسلة إلى التجار، قامت كبرى شركات الزيوت المحلية بزيادة أسعار عبوة اللتر بقيمة 10 جنيهات خلال هذا الأسبوع، ليصبح سعرها 75 جنيهاً، بعد أن كانت تُباع بـ 65 جنيهاً في أكتوبر الفائت.
يُذكر أن الشركات كانت قد اعتمدت هذه الزيادات السعرية حتى قبل بدء المبادرة الحكومية في يوليو. إلا أنها أوقفت مشاركتها في المبادرة مؤخراً، وبدأت في طرح منتجاتها بالأسواق بناءً على القوائم السعرية الجديدة، التي تعكس زيادة قدرها 10 جنيهات في سعر اللتر.
وأظهرت القوائم، التي اطلعت "الشروق" على نسخة منها، أن أسعار عبوات الـ 700 جرام قد صعدت إلى 55 جنيهاً (مقارنة بـ 47 جنيهاً الشهر الماضي)، كما زاد سعر كيلو السمن بمقدار 9 جنيهات، ليصبح سعره متراوحاً بين 100 و 105 جنيهات.
وفي هذا السياق، صرّح أحمد المنوفي، وهو من منظمي المبادرات الحكومية والمعارض السلعية، بأن ما حدث ليس زيادة جديدة في الأسعار، بل هو انسحاب من مبادرة رئيس الوزراء، وعودة للعمل بالقوائم السعرية التي كانت مُقررة قبل يوليو الماضي.
وفي تصريحاته لـ"الشروق"، أشار المنوفي إلى أن الشركات استجابت في نهاية يوليو الماضي لدعوات الحكومة وخفضت الأسعار بنسبة 15% بالتزامن مع انخفاض تكاليف الإنتاج. وأعرب عن استنكاره لعودة الأسعار للارتفاع حالياً، خاصة في ظل حالة الركود التي يشهدها السوق المحلي.
وأضاف المنوفي أن الشركات لم تزد أسعار منتجاتها المعبأة فقط، بل زادت أيضاً أسعار الزيت "السائب" بحوالي 15% خلال الشهر المنقضي، مما أدى إلى قفزة في سعر الطن من 54 ألف جنيه في سبتمبر إلى 62 ألف جنيه.
وكنتيجة لزيادة سعر الزيت السائب، اضطرت الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر لرفع أسعار منتجاتها هي الأخرى إلى حوالي 70 جنيهاً للتر (بدلاً من 64 جنيهاً). وأوضح المنوفي آلية السوق، حيث تستورد الشركات الكبرى الخام وتكرره، فتعبئ جزءاً لعلاماتها التجارية وتبيع الباقي (كسائب) للشركات الأصغر.
يُذكر أن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، كان قد أطلق في نهاية يوليو الماضي مبادرة حكومية (بالتعاون مع المنتجين والتجار) لخفض فوري للأسعار، بما يتماشى مع المؤشرات الاقتصادية الإيجابية وتحسن سعر الصرف. وقد شهد سعر الدولار انخفاضاً بنسبة 7% تقريباً منذ مطلع العام، مستقراً عند 47.40 جنيه للبيع (وهو أدنى مستوى منذ يونيو 2024)، مقارنة بـ 50.90 جنيه في بداية 2025.
من جانبه، أفاد مصدر مسؤول في اتحاد الغرف التجارية بأن هيمنة الشركات الكبرى التامة على السوق المحلي هي ما سمح لها بزيادة الأسعار دون مبرر. وأكد المصدر على توفر مخزون استراتيجي يغطي عدة أشهر، بالإضافة إلى تراجع سعر الدولار وانخفاض أسعار الزيت عالمياً.
وشدد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، على ضرورة أن تضع الحكومة آليات لضبط أسعار السلع الاستراتيجية (دون تدخل مباشر في السوق). وأضاف: "من غير المقبول أن ترفع الشركات أسعارها بينما تطالب الحكومة بخفضها".
وفي سياق متصل، كشفت وزارة التموين والتجارة الخارجية يوم الثلاثاء الماضي عن توفير عبوة زيت خليط جديدة (سعة 1.5 لتر) على البطاقات التموينية بسعر 56 جنيهاً، بدءاً من الأول من ديسمبر 2025.
وفي بيان له، أكد شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن التخفيضات على أسعار الزيوت "الحرة" (غير التموينية) بأنواعها (الخليط وعباد الشمس والذرة) ستظل سارية داخل المجمعات الاستهلاكية التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، بهدف تخفيف العبء عن المواطنين.
من جهته، يرى إسلام متولي، الذي يرأس إحدى شركات الزيوت الصغيرة، أن الشركات الكبرى تعمدت زيادة سعر الزيت السائب لإجبار الشركات الأصغر حجماً على رفع سعر العبوة للمستهلك إلى نحو 70 جنيهاً.
وأوضح متولي في تصريح لـ"الشروق"، أن هذه الشركات تحججت بارتفاع سعر زيت الصويا العالمي (بنحو 100 دولار للطن) لتقوم برفع الأسعار محلياً بشكل فوري، متجاهلةً أن لديها مخزوناً استراتيجياً يكفي لأكثر من ستة أشهر.
وتابع أن التكلفة الحقيقية للزيت السائب محلياً، بناءً على السعر العالمي وسعر الصرف الحالي، يجب ألا تزيد عن 52 ألف جنيه للطن، في حين أن الشركات الكبرى تبيعه بسعر 62 ألف جنيه.
وتعتمد مصر على الاستيراد لتغطية أكثر من 95% من استهلاكها من الزيوت النباتية، حسب تصريحات سابقة لزكريا الشافعي، رئيس شعبة الزيوت باتحاد الصناعات.
وعلى المستوى الدولي، شهد سعر زيت الصويا ارتفاعاً خلال شهر نوفمبر الحالي، حيث وصل سعر الطن إلى 1109 دولارات، بعد أن كان 1025 دولاراً في أكتوبر الماضي. ويُعد زيت الصويا المكون الرئيسي (بنسبة 85%) في زيت الخليط الأكثر شيوعاً في السوق المحلي.
المصدر: الشروق