تعمل الحكومة الماليزية من خلال ذراعها الاستثماري، شركة «ساويت كينابالو» المحدودة، على تعزيز صادرات زيت النخيل إلى الأسواق الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل خاص على السوق المصري خلال العام الحالي، وفقًا لما صرح به نزلان محمد، المدير العام للاستدامة بالشركة.
وأوضح محمد لـ«البورصة» أن مصر تُعد من أحدث الأسواق التي انضمت إلى قائمة الوجهات التصديرية للشركة، لكنها تحظى بأهمية استراتيجية كبيرة كونها تمثل بوابة لإعادة التصدير إلى الأسواق الإفريقية، مشيرًا إلى أن الشركة تخطط لزيادة حجم صادراتها إلى مصر التي تشهد نموًا ملحوظًا في الطلب على زيوت النخيل الماليزية.
وتتوقع الحكومة الماليزية تحقيق نمو لا يقل عن 20% في صادرات زيت النخيل خلال عام 2025، مع منح أولوية خاصة لدول الشرق الأوسط ومصر، مدفوعة بارتفاع الطلب من المؤسسات والمستهلكين، إلى جانب الاستفادة من الروابط التجارية القائمة.
يأتي هذا التوجه ضمن خطة استثمارية موسعة أطلقتها الحكومة عبر صندوقها السيادي لتعزيز سلسلة القيمة في قطاع زيت النخيل، الذي يُعد أحد الدعائم الرئيسية للاقتصاد الماليزي سواء من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي أو دوره في دعم الصادرات الزراعية.
ويُعتبر قطاع زيت النخيل الماليزي من بين الأضخم عالميًا إلى جانب نظيره الإندونيسي، حيث تنتج ماليزيا أكثر من 18 مليون طن سنويًا وتصدر نحو 90% من إنتاجها إلى الأسواق الخارجية. وتُعد الأسواق الإسلامية، لاسيما العربية منها، من الوجهات المفضلة لتصدير زيت النخيل نظرًا لارتباطه الوثيق بعادات الطهي والصناعات الغذائية المحلية.
وأشار محمد إلى أن مصر تشكل سوقًا محوريًا في هذه الخطة نظرًا لموقعها الجغرافي الذي يتيح إعادة تصدير المنتجات إلى شمال إفريقيا وشرق المتوسط، بالإضافة إلى ارتفاع استهلاك الزيوت النباتية محليًا واعتمادها بشكل كبير على الاستيراد لتغطية أكثر من 95% من احتياجاتها من زيوت الطعام.
وفي هذا الإطار، أعلن «صندوق الاستثمار السيادي الماليزي» عن تخصيص تمويلات تصل إلى 150 مليون دولار خلال عام 2025 لدعم شركات زيت النخيل في دخول أسواق الشرق الأوسط، بما يشمل إنشاء مراكز توزيع ومستودعات تخزين ومرافق تكرير في بعض الدول، من بينها مصر.
كما يجري التنسيق مع بنوك التنمية الإسلامية والمؤسسات التمويلية الإقليمية لتوفير تسهيلات ائتمانية للتجار والمصنعين في الأسواق المستهدفة، بما يعزز القدرة التنافسية للمنتج الماليزي أمام الزيوت البديلة مثل زيت دوار الشمس الأوكراني وزيت الصويا القادم من البرازيل والأرجنتين.
ويُعد الفارق السعري من أبرز العوامل التي تصب في صالح زيت النخيل الماليزي، إذ غالبًا ما يكون أقل تكلفة من الزيوت الأخرى، إضافة إلى ثبات خصائصه في درجات الحرارة العالية، وهي ميزة مهمة في مناخ الشرق الأوسط الحار.
ورغم ذلك، تُحذر تقارير دولية من أن تقلبات تكاليف الشحن البحري وارتفاع التأمين في بعض المناطق مثل البحر الأحمر قد يشكل أعباءً إضافية على تكاليف التصدير، ما يتطلب تنسيقًا محكمًا مع شركات النقل والخدمات اللوجستية. كما تظل المنافسة من إندونيسيا، التي تتمتع بقدرات إنتاجية أكبر وتقدم تسهيلات واسعة لمستورديها، تحديًا مستمرًا أمام المنتجات الماليزية في هذه المنطقة.
ورغم هذه التحديات، تشير التقديرات الأولية إلى إمكانية رفع حصة المنتجات الماليزية في أسواق مصر والشرق الأوسط بنسبة تتراوح بين 3% و5% خلال عام 2025، إذا ما جرى تنفيذ الخطة بشكل كامل مع توفير آليات دعم وتمويل مرنة.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تعكس رغبة كوالالمبور في إعادة صياغة علاقتها التجارية مع الأسواق الإسلامية، ليس فقط كمورّد للسلع، بل كشريك تنموي يستند إلى الروابط الثقافية والدينية المشتركة لتعزيز النفاذ التجاري.
وفي حال نجاح التجربة في مصر، من المتوقع أن تكون نموذجًا قابلاً للتطبيق في دول أخرى مثل الجزائر والمغرب والعراق، في إطار استراتيجية استثمارية أوسع تمتد حتى عام 2030.
المصدر: البورصة